للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب، كما في قوله تعالى الآتي: {كَلاّ وَالْقَمَرِ} ولا تكون بمعنى حقا كما بينه ابن هشام-رحمه الله تعالى-لعدم فتح همزة (إنّ) بعدها. ونقل الجمل عن السمين للنحويين فيها ستة مذاهب، والمعتمد ما لخصته لك من مغني اللبيب لابن هشام طيب الله ثراه، وجعل الجنة مأوانا، ومأواه.

الإعراب: {كَلاّ:} حرف ردع وزجر هنا. {إِنَّهُ:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى (من). {لِآياتِنا:}

متعلقان بما بعدهما، و (نا): في محل جر بالإضافة. {عَنِيداً:} خبر {كانَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، وفيها معنى التعليل للردع والزجر. {سَأُرْهِقُهُ:} السين: حرف استقبال، وهو مفيد للتأكيد هنا، تأكيد الوعيد، والتهديد. (أرهقه): فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والهاء مفعول به أول.

{صَعُوداً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وإن اعتبرت الكلام من قوله تعالى: {ذَرْنِي..}. إلخ، في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: قال الله تعالى: ذرني... إلخ؛ فلست مفندا.

{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاِسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)}

الشرح: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} أي: فكر في الأمر الذي يريده، ونظر فيه، وتدبره، ورتب في قلبه كلاما، وهيأه لذلك الأمر، وهو المراد بقوله، و {وَقَدَّرَ} أي: وقدر ذلك الكلام في قلبه، وذلك: أن الله تعالى لما أنزل على نبيه صلّى الله عليه وسلّم من سورة (غافر): {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ..}. إلخ إلى قوله: {الْمَصِيرُ،} قام النبي صلّى الله عليه وسلّم في المسجد يصلي؛ والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته، فلما فطن النبي صلّى الله عليه وسلّم لاستماعه؛ أعاد قراءة الآية، فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه من بني مخزوم، فقال: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما، ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو، وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله.

فقالت قريش: صبأ والله الوليد! لتصبونّ قريش كلها! فقال أبو جهل الخبيث: أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال له الوليد: ما لي أراك حزينا يا بن أخي؟! فقال: ما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك فيها على كبر سنك، ويزعمون: أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة، وابن أبي قحافة؛ لتنال من

<<  <  ج: ص:  >  >>