للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١)}

الشرح: {كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ} أي: من حلاله، أو من لذائذه، والمراد: المن، والسلوى اللذان نزلا عليهم في التيه. {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ} أي: لا تعصوا الله تعالى؛ لأن الطغيان:

التجاوز إلى ما لا يجوز. وقيل: المعنى: لا تكفروا النعمة، ولا تنسوا شكر المنعم بها عليكم.

وقيل: لا تدخروا. {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} أي: يجب، أو ينزل. {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى} أي: هلك، وسقط في النار.

هذا؛ وذكر القرطبي عن شفيّ بن ماتع الأصبحي حديثا موقوفا عليه: «إنّ في جهنّم جبلا يدعى: صعودا، يطلع الكافر فيه أربعين خريفا قبل أن يرقاه. قال الله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} وإنّ في جهنّم قصرا، يقال له: هوى يرمى الكافر من أعلاه، فيهوي أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله، فالله تعالى يقول: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى»،} ولا تنس: أن في الآية التفاتا من متكلم الجماعة إلى متكلم الواحد، انظر الالتفات في الآية رقم [٢٢] من سورة (النحل) وانظر شرح {ثُمَّ} في الآية رقم [٥٣] منها. هذا؛ ويقرأ الفعلان (يحل) و {يَحْلِلْ} بضم الحاء وكسرها، وفرق بينهما في المعنى، فقيل: معنى الأول: ينزل، ومعنى الثاني: يجب.

الإعراب: {كُلُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مِنْ طَيِّباتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {طَيِّباتِ} مضاف. و {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: طيبات الذي، أو شيء رزقناكموه، وعلى اعتبار {ما} مصدرية، تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة، التقدير: من طيبات رزقنا لكم، وجملة: {كُلُوا..}. إلخ في محل نصب مقول القول لقول محذوف. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تَطْغَوْا:} مضارع مجزوم ب‍: (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {فِيهِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {فَيَحِلَّ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد الفاء السببية. {عَلَيْكُمْ:} متعلقان بما قبلهما. {غَضَبِي:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر معطوف بالفاء على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير: لا يكن منكم طغيان فحلول غضب عليكم.

{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>