للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمنع من يشاء، لا راد لعطائه، ولا معطي لما منع. هذا؛ والمراد ب‍: (الأولى) الحياة الدنيا الحاضرة؛ التي يحياها الإنسان؛ وهو حي، والمراد ب‍: (الآخرة) الحياة التي تكون بعد الموت، وما فيها من عذاب، أو نعيم، والآخرة: الحياة الثانية الأبدية التي تكون بعد الموت، وما فيها من البعث، والنشور، والحساب، والجزاء، وهي في الجنة لمن آمن، وعمل صالحا، أو في النار لمن كفر، وعمل سيئا.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {يُغْنِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل. {عَنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مالُهُ:}

فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والمفعول محذوف، التقدير: وما يغني عنه ماله شيئا.

هذا؛ وإن اعتبرت (ما) اسم استفهام، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به مقدم.

وقيل: في محل نصب مفعول مطلق لما بعده، التقدير: أي إغناء يغني؟ والجملة على الوجهين فعلية، وهي مستأنفة، لا محل لها. {إِذا:} ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل {يُغْنِي}. {تَرَدّى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل مستتر، يعود إلى {مَنْ،} والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها. هذا؛ وإن اعتبرت إذا شرطية، فالفعل {تَرَدّى} شرطها، وجوابها محذوف، دلّ على ما قبلها.

{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {عَلَيْنا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ} تقدم على اسمها. {لَلْهُدى:} اللام: لام الابتداء. (الهدى): اسم {إِنَّ} مؤخر منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلّى (١٦)}

الشرح: {فَأَنْذَرْتُكُمْ} أي: حذرتكم، وخوفتكم، والخطاب لأهل مكة، وهو عام إلى يوم القيامة؛ لأن خصوص السبب، لا يمنع التعميم. {تَلَظّى:} تتوهج، وتتوقد، وأصله: تتلظى، فحذفت إحدى التاءين. ومثله كثير في الآيات القرآنية، والتظاء النار: التهابها، وتلظّيها: تلهبّها.

وخذ ما يلي:

عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن أهون أهل النّار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان، يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل بالقمقم». رواه الشيخان.

وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أهون أهل النار عذابا أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه». رواه مسلم.

{لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى} أي: لا يحترق فيها، ويقاسي حرها إلا الشقي، وهو: {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلّى} أي: كذب محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وأعرض عن الإيمان، وعن العمل بما يوجبه هذا الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>