للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و (يجد) ماضيه: وجد، والمضارع أصله: يوجد، فحذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها، وهما الياء والكسرة في مضارع الغائب، وتحذف من مضارع المتكلم والمخاطب قياسا عليه، والمصدر: وجد، أما (عائل) فأصله: عايل؛ لأن الفعل أجوف يائي: عيل، يعيل، فقل في إعلاله: قلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ولم يعتدّ بالألف الزائدة، لكونها حاجزا غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية منهما همزة، وقل مثله في: قائل وشبهه فإن أصله: قاول فإن فعله أجوف واوي.

الإعراب: {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتقرير. انظر شرح: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} الآتي. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَجِدْكَ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم)، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى {رَبُّكَ،} والكاف مفعول به أول. {يَتِيماً:} مفعول به ثان، وقال الزمخشري: حال من الكاف على تأويل {يَجِدْكَ} ب‍: «يخلقك»، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {فَآوى:} الفاء: حرف عطف. (آوى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {رَبُّكَ} أيضا، والمفعول محذوف لمناسبة رؤوس الآي، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ:} ماض، وفاعله مستتر، ومفعولاه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. وإعراب ما بعدها لا خفاء فيه إن شاء الله تعالى.

{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)}

الشرح: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ:} قال مجاهد: لا تحتقر اليتيم، فقد كنت يتيما مثله. وقال الفراء: لا تقهره على ماله، فتذهب بحقه لضعفه، كما كانت العرب تفعل في أموال اليتامى، تأخذ أموالهم، وتظلمهم حقوقهم. انتهى. وكانوا يقولون: كيف نورث أموالنا من لم يدفع عن حمانا، ويحمي نساءنا، وأطفالنا؟! ولذا كانوا لا يورثون النساء، والمعنى: كما كنت يتيما فآواك الله، وأحسن إليك بأن كفلك لعمك أبي طالب، فلا تقهر اليتيم؛ أي: لا تذله، وتنهره، وتهنه، ولكن أحسن إليه، وتلطف به. وقال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم. لذا كان صلّى الله عليه وسلّم يرفق باليتامى، ويعطف عليهم، ويحث على إكرامهم. وخذ ما يلي: فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كافل اليتيم له، أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة...». وأشار مالك بالسّبّابة والوسطى. رواه مسلم. وعنه أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشرّ بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه». رواه ابن ماجه. وعنه أيضا: أن رجلا شكا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسوة قلبه، فقال: «امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين». رواه الإمام أحمد، وعن أبي أمامة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من مسح على رأس يتيم، لم يمسحه إلاّ لله؛ كان له في كلّ شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>