للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذللات لأمر الله تعالى. وقيل: مذللات لمنافعكم. {فِي جَوِّ السَّماءِ:} الجو: الفضاء الواسع بين السماء والأرض. وهو الهواء، وأضافه إلى السماء لارتفاعه عن الأرض. {ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ:} يعني: في حال قبض أجنحتها، وبسطها، واصطفافها في الهواء. وفي هذا حث على الاستدلال بها على أنّ لها مسخرا سخّرها، ومذلّلا ذلّلها، وممسكا أمسكها في حال طيرانها ووقوفها في الهواء. {إِنَّ فِي ذلِكَ..}. إلخ: خص المؤمنين بالذكر؛ لأنهم هم المنتفعون بالآيات دون غيرهم.

الإعراب: {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.

{يَرَوْا:} مضارع مجزوم ب‍: (لم)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلَى الطَّيْرِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {مُسَخَّراتٍ:} حال من {الطَّيْرِ} منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {فِي جَوِّ:} متعلقان ب‍: {مُسَخَّراتٍ؛} لأنه اسم مفعول، و {جَوِّ:}

مضاف، و {السَّماءِ:} مضاف إليه. {ما:} نافية. {يُمْسِكُهُنَّ:} مضارع، والهاء في محل نصب مفعول به، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {إِلاَّ:} حرف حصر. {اللهُ:} فاعل، وجملة: {ما يُمْسِكُهُنَّ..}. إلخ: في محل نصب حال ثانية من الطير، أو من الضمير المستتر في مسخرات، فتكون حالا متداخلة، والجملة الفعلية: {أَلَمْ يَرَوْا..}. إلخ: مستأنفة، لا محل لها.

هذا؛ وإعراب: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:} مثل إعراب: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} في الآية رقم [٦٥] تأمل، وتدبر.

{وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠)}

الشرح: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ:} التي هي من الحجر، والمدر. {سَكَناً:} مسكنا تسكنونه، وتهدأ جوارحكم فيه من الحركة، وقد تتحرك فيه، وتسكن في غيره، وعدّ سبحانه هذا في جملة النعم، فإنه لو شاء خلق العبد مضطربا أبدا كالأفلاك؛ لكان ذلك كما خلق وأراد، ولو خلقه ساكنا كالأرض؛ لكان كما خلق، وأراد، والسكن: مصدر يوصف به الواحد والجمع.

{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً:} يعني: الخيام، والقباب، والأخبية، والفساطيط، المتخذة من الأدم، والأنطاع. {تَسْتَخِفُّونَها:} يخف عليكم حملها. {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} أي: في يوم سيركم، ورحيلكم في أسفاركم. {وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ} أي: وتخف عليكم في إقامتكم، وحضركم.

وقد بينت الآية الكريمة: أن المساكن على قسمين: أحدهما ما لا يمكن نقله من مكان إلى مكان آخر، وهي البيوت المتخذة من الحجارة، والخشب، ونحوهما، والقسم الثاني: ما يمكن نقله من مكان إلى مكان آخر، وهي الخيام، والفساطيط المتّخذة من جلود الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>