للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيّانا تَعْبُدُونَ (٢٨)}

الشرح: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً}: نجمعهم جميعا؛ أي: المحسنين والمسيئين المذكورين فيما تقدم لموقف الحساب يوم القيامة، هذا؛ والحشر الجمع من كل جانب وناحية إلى موضع واحد. {لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا} أي: في الدنيا بعبادة الحجارة والأوثان، أو الشمس والقمر، وغير ذلك.

{مَكانَكُمْ} أي: أثبتوا في مكانكم حتى تسألوا عما فعلتم في الدنيا، ففيه تهديد ووعيد للعابدين والمعبودين، ولا تنس أن المؤمنين يلزمون بالوقوف أيضا حتى يسألوا، ويحاسبوا، ولكن برفق ولطف. {أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ} أي: ما كنتم تعبدون من دون الله. وتشركونهم معه في التعظيم والتقديس. {فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ} أي: فرقنا بينهم وبين هؤلاء المعبودين، وقطعنا ما بينهم من التواصل في الدنيا.

هذا؛ وقال أبو البقاء: عين الكلمة واو، لأنه من: زال يزول، وإنما قلبت ياء؛ لأن وزن الكلمة (فيعل) أي: زيولنا، مثل: بيطر وبيقر، فلما اجتمعت الواو والياء، والياء ساكنة، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقيل: هو من زلت الشيء أزيله، فعينه على هذا ياء، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا. انتهى. هذا؛ وقرئ «زايلنا»، هذا؛ وقال الجلال: زيلنا:

ميزنا بينهم وبين المؤمنين، كما في قوله تعالى: {وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ،} وهذا يكون عند الوقوف للسؤال، حين يؤمر بأهل الجنة إلى الجنة وبأهل النار إلى النار.

قال سليمان الجمل: وهذا التفسير بعيد من سابقه ولا حقه؛ إذ هما في الكلام على المشركين ومعبوداتهم، فالأولى القول الآخر الذي جرى عليه غيره كالبيضاوي والخازن، والخطيب. انتهى.

{وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيّانا تَعْبُدُونَ} أي: قالت الأصنام التي كانوا يعبدونها في الدنيا متبرءين منهم: {ما كُنْتُمْ إِيّانا تَعْبُدُونَ} وإنما كانت الشياطين تأمركم بعبادتنا. فكانت عبادتكم لهم، هذا؛ وإن الله ينطق الحجارة والأوثان يوم القيامة، فتكون هذه المحاورة بين المشركين ومعبوداتهم.

هذا؛ وقيل: المراد بالشركاء: الملائكة الذين عبدهم المشركون، وقيل: المراد بهم: الشياطين، والجميع ينطقون، وانظر الآية رقم [٣٤] الآتية.

الإعراب: {وَيَوْمَ}: الواو: حرف استئناف. (يوم): مفعول به لفعل محذوف، تقديره: اذكر يوم، و (يوم) مضاف، والجملة الفعلية: {نَحْشُرُهُمْ} في محل جر بالإضافة. {جَمِيعاً}: حال من الضمير المنصوب، فهي حال مؤكدة.

{نَقُولُ}: مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {لِلَّذِينَ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {أَشْرَكُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول. {مَكانَكُمْ}: اسم فعل أمر منقول عن

<<  <  ج: ص:  >  >>