للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع مؤنث سالم. {لِكُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة آيات، و (كل) مضاف، و {صَبّارٍ} مضاف إليه، وهو صفة لموصوف محذوف. {شَكُورٍ:} صفة ثانية؛ إذ التقدير: لكل شخص، أو لكل إنسان صبار شكور. وهو يشمل الذكر، والأنثى. وصيغتا المبالغة صالحة لهما، كما هو معلوم، والجملة الاسمية: {إِنَّ فِي ذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. وانظر مثل هذه الجملة في الآية رقم [١٩] من سورة (سبأ).

{وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاّ كُلُّ خَتّارٍ كَفُورٍ (٣٢)}

الشرح: {وَإِذا غَشِيَهُمْ:} علاهم، وغطاهم. {مَوْجٌ كَالظُّلَلِ:} مرتفع كالجبال، و (الظلال) جمع: ظلة، وهي السحابة الكبيرة، شبه الموج بها لكبرها وارتفاعها، قال النابغة في وصف بحر: [الوافر] يماشيهنّ أخضر ذو ظلال... على حافاته فلق الدّنان

وإنما شبه الموج-وهو واحد-بالظلال، وهو جمع؛ لأن الموج يأتي شيئا بعد شيء، ويركب بعضه بعضا كالظلال. وقيل: هو بمعنى الجمع، وإنما لم يجمع؛ لأنه مصدر، وأصله من الحركة، والازدحام.

{دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: تركوا الأصنام؛ التي يعبدونها، ولجئوا إلى الله بالتضرع، والدعاء، حالة كونهم كائنين في صورة من أخلص دينه من المؤمنين، حيث لا يذكرون إلا الله، ولا يدعون سواه، لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد إلا هو، وإنما لجئوا إلى الله لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى، والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد. {فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ} أي: إلى الأرض اليابسة، وأمنوا من الغرق.

{فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: موف بما عاهد عليه الله في البحر.

وقال الحسن: «مقتصد» مؤمن، متمسك بالتوحيد، والطاعة. وقال الزمخشري: متوسط في الكفر، والظلم، خفض من غلوائه، وانزجر بعض الانزجار. وقال الخازن: وقيل: نزلت في عكرمة بن أبي جهل، وذلك: أنه هرب عام الفتح إلى البحر، فجاءهم ريح عاصف، فقال عكرمة -رضي الله عنه-: لئن أنجانا من هذه لأرجعن إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولأضعن يده في يدي! فسكتت الريح، ورجع عكرمة إلى مكة، وأسلم، وحسن إسلامه، رضي الله عنه.

{وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا:} وما يكفر بدلائل قدرتنا. {إِلاّ كُلُّ خَتّارٍ:} غدار، والختر: أسوأ الغدر، ومنه قولهم: إنك لا تمد لنا شبرا من غدر؛ إلا مددنا لك باعا من ختر. قال عمرو بن معديكرب رضي الله عنه: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>