للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الحق، وللموجود بحسب مقتضى الحكمة؛ ولذلك يقال: فعل الله كله حق، نحو الموت والحساب... إلخ، وللاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، نحو اعتقاد زيد في الجنة حق، وللفعل، والقول الواقعين بحسب ما يجب، وقدّر ما يجب في الوقت الذي يجب، نحو: قولك حق. ورأيك حق، ويقال: أحققت ذا؛ أي: أثبته حقا، أو حكمت بكونه حقا. انتهى. بغدادي. وانظر: {كانَ} في الآية رقم [٣٠].

الإعراب: {وَقُلْ:} الواو: حرف عطف. (قل): أمر، وفاعله: أنت. وجملة: {جاءَ الْحَقُّ} في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَزَهَقَ الْباطِلُ} معطوفة عليها، والجملة الاسمية: {إِنَّ الْباطِلَ..}. إلخ تعليلية، وهي في محل نصب مقول القول، وإعرابها واضح إن شاء الله تعالى، وجملة: {وَقُلْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إِلاّ خَساراً (٨٢)}

الشرح: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ} أي: بيان من الضلالة، والجهالة، يتبين به المختلف فيه، ويتضح المشكل، وهو شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها. وقيل: هو شفاء للأمراض الباطنة، والظاهرة، فالأولى: الاعتقادات الباطلة، والثانية: الأخلاق المذمومة، وأما كونه شفاء من الأمراض الجسمانية، فلأن التبرك بقراءته يدفع كثيرا من الأمراض، يدل عليه ما روي من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي سعيد الخدري في فاتحة الكتاب التي قرأها على اللديغ: «وما يدريك أنّها رقية؟». وعن أبي أمامة-رضي الله عنه-، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ينفع بإذن الله تعالى من البرص، والجنون، والجذام، والبطن، والسّل، والحمّى، والنّفس أن تكتب بزعفران، أو بمشق (المغرة) أعوذ بكلمات الله التامّة، وأسمائه كلّها عامّة، من شرّ السّامّة والغامّة، ومن شرّ العين اللاّمّة، ومن شرّ حاسد إذا حسد، ومن أبي فروة وما ولد». وهي كنية إبليس.

{وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ:} فيه بالإضافة لما ذكر: تفريج الكروب، وتطهير العيوب، وتكفير الذنوب مع ما تفضل الله به من الثواب في تلاوته، كما روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ حرفا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف».

{وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إِلاّ خَساراً:} لأن الظالم لا ينتفع به، فكان خسارة له، والمؤمن ينتفع به فكان رحمة له. قال قتادة-رحمه الله تعالى: لم يجالس القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة، أو نقصان، قضاه الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} الآية رقم [٤٤] من سورة (فصلت).

<<  <  ج: ص:  >  >>