للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الثاني: مقسط. قال تعالى في سورة (الحجرات) رقم [٩]: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} هذا هو المشهور خلافا للزجاج في جعلهما سواء، ومثل آية (الحجرات) قول الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته رقم [٦٨]: [الخفيف]

ملك مقسط، وأكمل من يم‍... شي، ومن دون ما لديه الثّناء

{فَمَنْ أَسْلَمَ..}. إلخ: أي: فمن اهتدى واعتنق الإسلام، واهتدى بهدي الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسار على منهاجه القويم، فأولئك الذين قصدوا الرشد، وأرادوا الفلاح، وسلكوا طريق السعادة، والنجاة. والتحري: بذل المجهود في الوصول إلى المقصود. هذا؛ ومن الثلاثي بمعنى:

الجور، والظلم قول الشاعر: [الكامل]

قوم هم قتلوا ابن هند عنوة... عمرا وهم قسطوا على النّعمان

فائدة:

يروى: أن الحجاج قال لسعيد بن جبير-رضي الله عنه-حين أراد قتله: ما تقول فيّ؟ قال: قاسط عادل، فقال من حوله: ما أحسن ما قال! حسبوا: أنه يصف الحجاج بالقسط، والعدل، فقال الحجاج: يا جهلة! إنه سماني ظالما مشركا، وتلا لهم قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً،} وقوله تعالى في أول سورة (الأنعام): {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}. هذا؛ ولا تنس الطباق بين {الْمُسْلِمُونَ} و {الْقاسِطُونَ}.

الإعراب: {وَأَنّا:} الواو: حرف عطف. (أنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها.

{مِنَّا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْمُسْلِمُونَ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (أنّ)، والتي بعدها معطوفة عليها، فهي في محل رفع مثلها.

{وَأَنّا مِنَّا..}. إلخ معطوف على ما قبله على الوجهين المعتبرين فيه. {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف، وتفريع. (من): اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَسْلَمَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو»، يعود إلى (من). {فَأُولئِكَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {تَحَرَّوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، التي هي فاعله، والألف للتفريق.

{رَشَداً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه: فقيل: جملة الشرط. وقيل: جملة الجواب. وقيل:

الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا فهو مبتدأ، وجملة: (أسلم) صلته، والجملة الاسمية: (أولئك...) إلخ في محل رفع خبره، واقترنت

<<  <  ج: ص:  >  >>