للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمحذوف صلة الموصول، أو بمحذوف صفة {مَنْ} على اعتبارها نكرة موصوفة، والهاء: في محل جر بالإضافة {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} في الآية رقم [٢٦] وجملة: {فَشَرِّدْ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، والجملة الشرطية: {فَإِمّا..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ على وجه مر ذكره في الآية السابقة، أو هي مستأنفة لا محل لها.

{وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨)}

الشرح: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً} أي: إذا ظهرت لك آثار الخيانة من قوم معاهدين وثبتت دلائلها عندك. {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ} أي: فاطرح إليهم عهدهم على عدل وطريق قصد في العداوة، ولا تداهمهم الحرب فإنه يكون خيانة منك، وهذا يكون بإعلام العدو بنبذ العهد، أو بإعلان الحرب عليهم. {إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ} أي: الذين يخونون بالعهود، ويخلفون الوعود.

وجملة القول في الآية الكريمة: أنه إذا ظهرت للإمام آثار نقض العهد ممن هادنهم من المشركين بأمر ظاهر مستفيض استغنى الإمام عن نبذ العهد وإعلامهم بالحرب كما فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأهل مكة، وإن ظهرت الخيانة بأمارات تلوح وتتضح للإمام من غير أمر مستفيض، فحينئذ يجب عليه أن ينبذ إليهم العهد، ويعلمهم بالحرب كما فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ببني النضير وقريظة. {سَواءٍ}: يأتي بمعنى مستو، وبمعنى الاستواء، كما في الآية رقم [٦] (البقرة). ويأتي بمعنى الوسط، كما في الآية رقم [١٠٨] البقرة، ويأتي بمعنى المساواة، وقد أتى هنا بمعنى العدل، وهو بكل معانيه مصدر، أو اسم فاعل؛ فلذا صح الإخبار به عن متعدد في بعض الحالات، وهو لا يثنى ولا يجمع، وقالوا: هما وهم سواء، فإذا أرادوا لفظ المثنى، قالوا:

سيان، وإن شئت قلت: سواءان، وفي الجمع هم أسواء، وهذا كله ضعيف ونادر، وأيضا على غير قياس: هم سواس وسواسية، أي: متساويان، ومتساوون، هذا؛ ومعنى محبة الله لعبده:

رضاته عنه، وغفر ذنوبه، وستر عيوبه، وعدم محبته له عكس ما ذكر، وانظر الآية رقم [٥٥] من سورة (الأعراف).

الإعراب: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} فإعراب هذا الكلام مثل إعراب الكلام في الآية السابقة. {عَلى سَواءٍ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من فاعل (انبذ) المستتر، أو من الضمير المجرور محلا ب‍ (إلى)، والأول هو النابذ، والثاني هو المنبوذ، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل والمفعول بمعنى متساويين، ومفعول (انبذ) محذوف، التقدير: انبذ إليهم عهدهم. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {اللهَ}: اسمها. {لا}: نافية. {يُحِبُّ}: مضارع، وفاعله ضمير يعود إلى {اللهَ}. {الْخائِنِينَ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>