للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (٩٩)}

الشرح: {مَكْرَ اللهِ:} عقابه، وجزاءه، وقد استعير هنا لاستدراج العبد، وأخذه من حيث لا يحتسب. {اللهِ:} انظر الآية رقم [٨٧]. {الْقَوْمُ:} انظر الآية رقم [٣٢].

{الْخاسِرُونَ:} الذين خسروا أنفسهم بالكفر، وترك النظر والاعتبار. وانظر «الخسران» في الآية رقم [٥] من سورة (المائدة). فإنه جيد.

قال سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-: تكرير النكير لزيادة التوبيخ، والمراد ب‍ {مَكْرَ اللهِ} إتيان بأسه في الوقتين المذكورين، ولذلك عطف الأول، والثالث بالفاء، فإن الإنكار فيهما متوجه إلى ترتب الأمن على الأخذ المذكور. وأما الثاني؛ فمن تتمة الأول، فلذلك عطف بالواو انتهى. نقلا من أبي السعود. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٩٦].

الإعراب: {أَفَأَمِنُوا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. الفاء: حرف عطف. (أمنوا):

فعل، وفاعل، والألف للتفريق، والجملة معطوفة على ما قبلها. {مَكْرَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر الميمي لفاعله. {فَلا:} الفاء: حرف عطف. (لا): نافية. {يَأْمَنُ:} مضارع. {مَكْرَ اللهِ:} مثل الأول. {إِلاَّ:} حرف حصر.

{الْقَوْمُ:} فاعل {يَأْمَنُ}. {الْخاسِرُونَ:} صفة {الْقَوْمُ} مرفوع مثله... إلخ، وجملة: {فَلا يَأْمَنُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، بالفاء فأفادت: أن العذاب يعقب أمن مكر الله. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (١٠٠)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَهْدِ:} أو لم يتبين. ويقرأ بالياء، وهي قراءة الجمهور، وقرأه مجاهد بالنون. {لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها:} المراد بهم: أهل مكة، وما حولها، الذين ورثوا الأرض من بعد موت أصحابها. وانظر (أهل) في الآية رقم [٨٣]. {نَشاءُ:} انظر (شاء) في الآية رقم [٨٩]. {أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ:} أهلكناهم بسبب ذنوبهم، كما أهلكنا من قبلهم من القرون الخالية. وانظر (نا) في الآية رقم [٧]. {وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ:} نختم؛ إذ الطبع: الختم، وهو التأثير في الطين ونحوه، فاستعير هنا لعدم فهم القلوب ما يلقى إليها. والطبع أيضا: السجية التي جبل عليها الإنسان. {لا يَسْمَعُونَ:} هذا الفعل من الأفعال الصوتية، إن تعلق بالأصوات؛ تعدى إلى مفعول واحد، وإن تعلق بالذوات؛ تعدى إلى اثنين، الثاني منهما جملة فعلية مصدرة بمضارع من الأفعال الصوتية، مثل قولك: سمعت فلانا يقول كذا. وهذا اختيار

<<  <  ج: ص:  >  >>