وقال يحيى بن معاذ-رحمه الله تعالى-: يا بن آدم دعاك الله إلى دار السّلام. فانظر من أين تجيبه؟ فإن أجبته من دنياك؛ دخلتها، وإن أجبته من قبرك؛ منعتها. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الجنان سبع: دار الجلال، ودار السّلام، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم، انتهى قرطبي. والمشهور: أن الجنان ثمان، انظر الآية رقم [٢٣]، من سورة (الرعد)، وانظر الآية رقم [٤٥]، من سورة (الحجر) لدركات النار.
الإعراب:{وَاللهُ}: (الله): مبتدأ. {يَدْعُوا}: مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل، والفاعل يعود إلى الله والمفعول محذوف، تقديره: عباده. {إِلى دارِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، و {دارِ}: مضاف، و {السَّلامِ}: مضاف إليه، وجملة:{يَدْعُوا..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{وَاللهُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَيَهْدِي}: مضارع مرفوع... إلخ، والفاعل يعود إلى الله، {مَنْ}: تحتمل الموصولة والموصولة، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية صلة:{مَنْ،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط: محذوف، التقدير: يهدي الذي، أو شخصا يشاؤه، أو يشاء هدايته، {إِلى صِراطٍ}:
متعلقان بالفعل قبلهما، {مُسْتَقِيمٍ}: صفة صراط، وجملة:{وَيَهْدِي..}. إلخ: معطوفة على ما قبلها فهي في محل رفع مثلها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا} أي: العمل، حيث قاموا بما أمرهم الله به، وابتعدوا عما نهاهم عنه. {الْحُسْنى}: المثوبة الحسنى وهي الجنة. ونعمت المثوبة هي لمن آمن وعمل صالحا، وانظر الآية رقم [٥٢] التوبة، إن أردت الزيادة في الشرح. {وَزِيادَةٌ}: اختلف المفسرون في هذه الزيادة، واعتمد أنها النظر إلى وجهه الكريم، وذلك لما يلي.
فعن صهيب الرومي-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تبارك وتعالى: أتريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتتجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النّظر إلى ربّهم تبارك وتعالى». زاد في رواية:«ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ» أخرجه مسلم، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٧٢] من سورة (التوبة) والآية رقم [٣٨]، من سورة (النور) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{وَلا يَرْهَقُ}: قيل: معناه: ولا يلحق، وقيل: لا يعلو، وقيل: لا يغشى، والمعنى متقارب.
{وُجُوهَهُمْ}: جمع وجه، وخص سبحانه الوجوه بالذكر؛ لأن الوجه أشرف الأعضاء الظاهرة،