للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بالشرط. واعترض أيضا بأنّها مضافة للشرط، والمضاف إليه، لا يعمل في المضاف، وأجيب عن هذا الاعتراض بأنّ القائلين: إنّ الناصب هو الشرط، لا يقولون بإضافة: {إِذا} إليه، فلذا كان الثاني أرجح، وإن كان الأول أشهر، فقول بعض المعربين، خافض لشرطه، منصوب بجوابه جري على غير الراجح، ولذا كانت عبارة سيبويه-رحمه الله تعالى- (خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك) محتملة لما في ذلك من احتمالات.

{فَيَكُونُ:} الفاء: حرف عطف. (يكون): فعل مضارع تام. وفاعله مستتر تقديره: هو يعود إلى: {أَمْراً} والجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فهو يكون، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. وهذا القول يعزى لسيبويه. وقيل: إنّ {يَكُونُ} معطوف على:

{يَقُولُ لَهُ} وهذا يعزى للزّجاج، والطّبري. وقيل: معطوف على: {كُنْ} من حيث المعنى، وهو قول الفارسي. انتهى سليمان الجمل. هذا؛ وقرأ ابن عامر بالفعل: («يكون») بالنّصب على أنه منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد الفاء على اعتبارها للسببية، وضعّفه أبو البقاء. وأقول: لا يمكن سبك مصدر من أن المضمرة، والفعل، وعطفه على مصدر متصيّد من الفعل السّبق؛ إذ لا يقال:

ليكن حدوث، فحدوث.

{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨)}

الشرح: {وَيُعَلِّمُهُ:} الضمير المنصوب يعود إلى: (عيسى) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. والفاعل يعود إلى: (الله) ويقرأ الفعل بالياء، والنون. {الْكِتابَ} أي: الخط، والكتابة، فكان-عليه الصلاة، والسّلام-أحسن الناس خطّا. وقيل: المراد جنس الكتب الإلهية، وأفرد الكتابين: الإنجيل، والتوراة بالذّكر لزيادة فضلهما، وشرفهما. وانظر الآية رقم [٣]. أما (الحكمة) فهي المعرفة بالدّين، والفقه في التأويل، والفهم الذي هو منحة، ونور من الله تعالى. قاله مالك، رحمه الله تعالى. وقال أبو بكر بن دريد-رحمه الله تعالى-كلّ كلمة وعظتك، أو دعتك إلى مكرمة، أو نهتك عن قبيح؛ فهي حكمة، وقال أبو العالية-رحمه الله تعالى-: الحكمة: خشية الله، فإن خشية الله رأس كل حكمة. وقد روى ابن مردويه عن ابن مسعود-رضي الله عنه-مرفوعا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «رأس الحكمة مخافة الله». وهو حديث لا أصل له في كتب السّنة إلاّ أنّ المعنى صحيح.

خاتمة بل فائدة: قال الصّلاح الصّفدي-رحمه الله تعالى-: رأيت بخط ابن خلّكان: أنّ مسلما ناظر نصرانيّا، فقال النّصرانيّ في خلال كلامه، مختفيا في خطابه بقبيح آثامه: يا مسلم! كيف كان وجه عائشة زوج نبيكم في تخلّفها عن الرّكب عن نبيكم، معتذرة بضياع عقدها؟! فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>