للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد صلّى الله عليه وسلّم من الهدى، والفرقان. {إِذْ جاءَهُ} أي: جاء به؛ أي: القرآن. وقيل: بالرسالة إليه.

{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ} أي: مقام ومقر، وذلك يكفيهم مجازاة لأعمالهم، وهو مشتق من: ثوى بالمكان: إذا أقام به، يثوي ثواء، وثويّا، مثل مضى، يمضي مضاء، ومضيّا، ولو كان من: أثوى؛ لكان: مثوى، وهذا يدل على أن ثوى هي اللغة الفصيحة، وحكى أبو عبيدة:

أثوى، وأنشد قول الأعشى: [الكامل]

أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا... ومضى وأخلف من قتيلة موعدا

والأصمعي لا يعرف إلا «ثوى»، ويروى البيت: (أثوى) على الاستفهام، وأثويت غيري يتعدى، ولا يتعدى. هذا؛ ومثوى بمعنى: مأوى، والفرق بينهما: أن المثوى مكان الإقامة المنبئة عن المكث، وأما المأوى فهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان، ولو مؤقتا، وقدم المأوى على المثوى في قوله تعالى: {وَمَأْواهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظّالِمِينَ} رقم [١٥١] من سورة (آل عمران)؛ لأنه على الترتيب الوجودي، يأوي، ثم يثوي.

الإعراب: {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف. (من): اسم استفهام مفيد للنفي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَظْلَمُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{مِمَّنْ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {أَظْلَمُ}. {كَذَبَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، والجملة الفعلية صلة (من) أو صفتها؛ إن اعتبرتها نكرة موصوفة. {عَلَى اللهِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله.

{جاءَهُ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الصدق)، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها.

{أَلَيْسَ:} الهمزة: حرف استفهام تقريري توبيخي. (ليس): فعل ماض ناقص. {فِي جَهَنَّمَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (ليس) تقدم على اسمها، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {مَثْوىً:} اسم (ليس) مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها. {لِلْكافِرِينَ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {مَثْوىً،} أو بمحذوف صفة له، والجملة الفعلية: {أَلَيْسَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)}

الشرح: {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} أي: والذي صدق به. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الذي جاء بالصدق هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء ب‍: «لا إله إلا الله». {وَصَدَّقَ بِهِ} هو

<<  <  ج: ص:  >  >>