للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً:} انظر إعراب مثله في الآية التالية. {عَلى عَقِبَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلّقان بمحذوف حال من فاعل {يَنْقَلِبْ} أي: مرتدّا على عقبيه، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنّه مثنّى، وحذفت النون للإضافة، والهاء في محل جرّ بالإضافة، و {شَيْئاً..}. نائب مفعول مطلق، والجملة الاسمية:

{وَمَنْ يَنْقَلِبْ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

{وَسَيَجْزِي:} الواو: حرف استئناف. السين: حرف تنفيس، واستقبال. (يجزي): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على الياء للثّقل. {اللهَ:} فاعله. {الشّاكِرِينَ:}

مفعول به... إلخ، والجملة الفعلية لا محلّ لها مستأنفة.

{وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشّاكِرِينَ (١٤٥)}

الشرح: {وَما كانَ..}. إلخ: انظر الآية رقم [٧٩] والمعنى: لا يصح، ولا يكون لنفس الموت إلا بأمر الله تعالى، وقضائه، وقدره، وعلمه، وذلك: أنّ الله تعالى يأمر ملك الموت بقبض الأرواح، فلا يموت أحد إلا بإذن الله تعالى، وأمره. والمراد من الآية: تحريض المؤمنين على الجهاد، وتشجيعهم على لقاء العدو بإعلامهم بأنّ الجبن لا ينفع، وأن الحذر لا يدفع المقدور، وأنّ أحدا لا يموت قبل أجله؛ وإن خاض المهالك، واقتحم المعارك، كقوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٣٤]: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}.

{كِتاباً مُؤَجَّلاً:} أي: مؤقتا، له أجل معلوم، لا يتقدّم، ولا يتأخّر، والمراد ب‍ {كِتاباً:}

اللّوح المحفوظ؛ لأنّ فيه آجال جميع الخلائق. قال تعالى في سورة (فاطر) رقم [١١]: {وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ} والمعتزلي يقول: يتقدّم الأجل، ويتأخر، وأن من قتل فإنّما يهلك قبل أجله، وكذلك: كلّما ذبح حيوان؛ كان هلاكه قبل أجله؛ لأنّه وجب على القاتل الضّمان، والدّية، وقد ردّ عليهم اللّقاني-رحمه الله تعالى بقوله: [الرجز]

وميّت بعمره من يقتل... وغير هذا باطل لا يقبل

{وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها} أي: من يرد بعمله، وطاعته الدّنيا، ويعمل لها؛ نؤته منها ما يكون جزاء، والمعنى نؤته منها ما نشاء على ما قدّرناه له. نزلت في الذين تركوا الجبل يوم أحد، وطلبوا الغنيمة. قال تعالى في سورة (الإسراء): {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ}.

{وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها} أي: نؤته جزاء عمله على ما وصف الله تعالى من تضعيف لمن يشاء، والمراد بهم: الّذين ثبتوا من الرّماة على الجبل. قال تعالى في سورة (الشورى): {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>