للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. هذا؛ وإن اعتبرت (ما) موصولة؛ فهي مبتدأ، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: الذي أنفقتموه، ويكون الجار والمجرور: {مِنْ شَيْءٍ} متعلقين بمحذوف حال من الضمير المحذوف، والجملة الاسمية: {فَهُوَ يُخْلِفُهُ:} في محل رفع خبره، ودخلت الفاء على خبر الموصول؛ لأنه يشبه الشرط في العموم، والجملة: {وَما أَنْفَقْتُمْ..}. إلخ على جميع الاعتبارات مستأنفة، لا محل لها. {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو):

مبتدأ. {خَيْرُ:} خبره، وهو مضاف، و: {الرّازِقِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المستتر في: {يُخْلِفُهُ،} والرابط: الواو، والضمير.

وقيل: معطوفة على ما قبلها. وهو ضعيف جدا.

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠)}

الشرح: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً} أي: المستضعفين، والمستكبرين. ويقرأ الفعل بالياء، والنون. والحشر: الجمع، والمراد: بعثهم للحساب، والجزاء. {ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ..}.

إلخ: هذا السؤال للملائكة مضمونه التقريع، والتوبيخ للكفار، وارد على المثل السائر: «إياك أعني، واسمعي يا جارة». ونحوه قوله تعالى في الآية رقم [١١٦] من سورة (المائدة): {يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}.

تنبيه: قال الزمخشري، -رحمه الله تعالى-: فإن قلت: فالله قد سبق في علمه المسئول عنه، فما فائدة هذا السؤال؟ قلت: فائدته: أن يجيبوا بما أجابوا به؛ حتى يبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم، فيبهتوا، ويتخذلوا، وتزيد حسرة الكافرين العابدين للملائكة، وغيرهم في الدنيا، ويكون ذلك نوعا مما يلحقهم من غضب الله وعقابه، ويغتبط المؤمنون، ويفرحوا بحالهم، وإيمانهم، ونجاتهم من فضيحة أولئك، وليكون حكاية ذلك في القرآن لطفا للمكلفين، وفيه كسر بيّن لقول من يزعم: أنه يضل عباده على الحقيقة، حيث يقول للمعبودين من دونه:

{أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} بأنفسهم، فيتبرءون من إضلالهم، ويستعيذون بالله أن يكونوا مضلين، ويقولون: أنت تفضلت على هؤلاء وآبائهم من غير سابقة تفضّل جواد كريم، فجعلوا النعمة-التي حقها أن تكون سبب الشكر-سبب الكفر، ونسيان الذكر، وكان ذلك سبب هلاكهم، فإذا برأت الملائكة، والرسل أنفسهم من نسبة الإضلال؛ الذي هو عمل الشياطين إليهم، واستعاذوا منه، فهم لربهم الغني العدل أشدّ تبرئة، وتنزيها منه، ولقد نزهوه حين أضافوا إليه التفضل بالنعمة، والتمتيع بها، وأسندوا نسيان الذكر، والتسبب به للبوار إلى الكفرة، فشرحوا الإضلال المجازي الذي أسنده الله إلى ذاته في قوله: {يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ} ولو كان هو المضل على الحقيقة؛ لكان الجواب العتيد أن يقولوا: بل أنت أضللتهم. انتهى. كشاف

<<  <  ج: ص:  >  >>