في السّماء، والعلماء ورثة الأنبياء. إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا، ولا درهما، ولكنّهم ورّثوا العلم، فمن أخذه؛ أخذ بحظّه، وموت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسدّ، وهو نجم طمس، وموت قبيلة أيسر من موت عالم». رواه أبو داود، والترمذيّ، وابن ماجة، وابن حبّان.
الإعراب:{دَرَجاتٍ:} بدل من: {أَجْراً} منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مؤنث سالم. وقيل: هو حال. وقيل: منصوب بنزع الخافض. وقيل: هو توكيد ل ({أَجْراً}) وهو أضعفها، وأقواها الأول. {مِنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة:
{دَرَجاتٍ}. {وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً:} معطوفان على: {دَرَجاتٍ}. وقيل: هما مفعول مطلق لفعل محذوف، التقدير: غفر لهم مغفرة، ورحمهم رحمة. وحذف متعلّقها اكتفاء بمتعلّق:{دَرَجاتٍ}.
الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ..}. إلخ: نزلت الآية الكريمة في أناس تكلّموا بالإسلام، ولم يهاجروا: منهم قيس بن الفاكه بن المغيرة، وقيس بن الوليد بن المغيرة وأشباههما، فلمّا خرج المشركون إلى بدر، خرجوا معهم، فقتلوا مع الكفار الذين قتلوا في بدر، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا على الخروج مع المشركين، فاستغفروا لهم، فنزلت الآية الكريمة.
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ:} يجوز أن يكون هذا الفعل ماضيا، وإنّما لم تلحقه علامة التأنيث للفصل بين الفعل وفاعله بالضّمير المنصوب، ولأنّ لفظ الملائكة من التأنيث المجازي، ولأنّه جمع تكسير، ويؤيد ذلك قراءة:(«توفتهم»)، ويجوز أن يكون مضارعا أصله: تتوفاهم، فحذفت منه إحدى التاءين، كما في قوله تعالى:{فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى} أصله: تتصدى، وهو كثير في كلام الله تعالى.
والتوفّي هنا فيه قولان: أحدهما: أنّه قبض أرواحهم. الثاني: أنّه حشرهم، وسوقهم إلى النّار. فعلى الثاني يكون المراد بالملائكة: الزّبانية؛ الذين يتولّون تعذيب الكفار. والمعتمد هنا الأوّل. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١١] من سورة (السّجدة) تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك، ولولا الإطالة؛ لذكرته هنا بحذافيره.
{ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ:} المشركون ظالمون لأنفسهم بالشرك. وقيل: المراد: المسلمون الذين أقاموا في دار الشرك بعد إسلامهم مع قدرتهم على الهجرة؛ لأنّ الله لم يقبل الإسلام من أحد