مفعول به، وجملة:{يُرِيدُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {يُرِيدُ:} فعل مضارع. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {يَتَّبِعُونَ:} فعل مضارع وفاعله. {الشَّهَواتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مؤنث سالم، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محلّ لها. {أَنْ تَمِيلُوا:} فعل مضارع منصوب ب {أَنْ} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والمصدر المؤوّل منهما في محل نصب مفعول به. {مَيْلاً:} مفعول مطلق. {عَظِيماً:} صفة له.
تنبيه: إرادة الله الخير لعباده المؤمنين ثابتة، وإرادة الفجرة، والكفرة الشرّ للمؤمنين متجدّدة في كلّ وقت، وحين. والأول مستفاد من الجملة الاسمية، والثاني مستفاد من الجملة الفعلية.
الشرح:{يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} أي: ليسهّل عليكم أحكام الشّرائع، فهو عامّ في كلّ أحكام الشّرع، وجميع ما يسّره الله لنا، وسهّله علينا، إحسانا منه إلينا، وتفضّلا، ولطفا علينا، ولم يثقل التكاليف علينا، كما أثقلها على بني إسرائيل، فهو كقوله تعالى في سورة (البقرة):
{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ،} وقوله تعالى في سورة (الحج): {وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. وكما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:«بعثت بالحنيفيّة السّمحة».
فلذلك رخّص لكم في المضايق، والأمور الشّاقة، كإحلال نكاح الأمة عند عدم القدرة على نكاح الحرّة، وكالإفطار في رمضان بسبب المرض، والسّفر، وغير ذلك كثير ممّا هو معلوم من الدّين.
{وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً} والمعنى: أنّ هواه يستميله، وشهوته، وغضبه يستخفّانه، وهذا أشدّ الضّعف، فاحتاج إلى التّخفيف. وقال طاوس-رحمه الله تعالى-: ذلك في أمر النّساء خاصّة. وروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنّه قال: {وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً} أي: لا يصبر عن النّساء. وقال سعيد بن المسيب-رحمه الله تعالى-: لقد أتى عليّ ثمانون سنة، وذهبت إحدى عينيّ، وأنا أعشو بالأخرى، وصاحبي أعمى، وأصمّ-يعني: ذكره-وإنّي أخاف من فتنة النّساء. قال عبادة بن الصّامت-رضي الله عنه-: ألا تروني لا أقوم إلا رفدا، أي: إلا أن أعان على القيام، ولا آكل إلا ما لوّق لي، أي: ليّن، وسخّن، وقد مات صاحبي منذ زمان-يعني ذكره-وما يسرّني أنّي خلوت بامرأة لا يحلّ لي-أي: الخلوة بها-وأنّ لي ما تطلع عليه الشمس، مخافة أن يأتيني الشّيطان، فيحركه، على أنّه لا سمع له، ولا بصر. لذا حذّر الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الخلوة.