للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قالَ رَبِّ اِجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠)}

الشرح: {قالَ} أي: زكريا. {اِجْعَلْ لِي آيَةً:} علامة أعرف بها الحمل، لأستقبله بالفرح، والسرور، والشكر للرب الغفور. وانظر الآية رقم [١] من سورة (الحجر) لشرح آيات.

{قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ..}. إلخ: أي: قال الله تعالى: العلامة على حمل امرأتك عدم قدرتك على الكلام مع كونك سليما من عاهة الخرس، والبكم مدة ثلاث ليال، وإنما ذكر الليالي هنا والأيام في الآية رقم [٤١] من سورة (آل عمران) للدلالة على أنه استمر عليه المنع من كلام الناس، والتجرد للذكر، والشكر ثلاثة أيام مع لياليهن. هذا؛ وقد قال تعالى في آل عمران {إِلاّ رَمْزاً} أي: إشارة بيد، أو عين، أو حاجب، أو رأس.

فائدة: وإنما عبر هنا بالليالي، وفي آل عمران بالأيام؛ لأن هذه السورة مكية، والمكي سابق على المدني، والليل سابق على النهار، فأعطى السابق للسابق، وسورة (آل عمران) مدنية، والمدني متأخر عن المكي، والنهار متأخر عن الليل، فأعطي المؤخر للمؤخر. انتهى. جمل عن شيخه.

الإعراب: {قالَ:} ماض، وفاعله مستتر تقديره: «هو» يعود إلى زكريا. {رَبِّ:} انظر إعرابه في الآية رقم [٣] {اِجْعَلْ:} فعل دعاء، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لِي:} متعلقان بما قبلهما. {آيَةً:} مفعول به، والجملة الفعلية، والندائية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى (الله).

{آيَتُكَ:} مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة، (أن): حرف مصدري، ونصب. (لا):

نافية. {تُكَلِّمَ:} مضارع منصوب ب‍: (أن)، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {النّاسَ:}

مفعول به. {ثَلاثَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، و {ثَلاثَ:} مضاف، و {لَيالٍ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. {سَوِيًّا:} حال من فاعل {تُكَلِّمَ} المستتر، وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنه من صفة الليالي، بمعنى: أنها كاملات، فيكون نصبه على النعت للظرف. انتهى سمين. هذا؛ و (أن) والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل رفع خبر المبتدأ، التقدير: آيتك عدم الكلام... إلخ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١)}

الشرح: {فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ} أي: من الموضع الذي كان يصلي فيه، وكان الناس من وراء المحراب ينتظرونه؛ حتى يفتح لهم، فيدخلون، ويصلون؛ إذ خرج إليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>