معطوف على ما قبله، أو هو مستأنف لا محل له. {فَلا:} الفاء: قال أبو البقاء: حرف استئناف، وبه قال ابن عطية. وأرى صحة اعتبارها فصيحة تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا شئنا إغراقهم؛ (فلا...) إلخ. (لا): نافية للجنس تعمل عمل: «إنّ». {صَرِيخَ:} اسم (لا) مبني على الفتح في محل نصب. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (لا). هذا؛ وقال أبو البقاء: وقرئ بالرفع، والتنوين، فتكون:(لا) عاملة عمل: «ليس»، وعلى الاعتبارين:
لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية.
{نُغْرِقْهُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُنْقَذُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع إلخ، والواو نائب فاعله، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.
{إِلاّ رَحْمَةً مِنّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤)}
الشرح:{إِلاّ رَحْمَةً مِنّا..}. إلخ: أي لا ينقذهم من الغرق أحد إلا نحن؛ لأجل رحمتنا إياهم، وتمتيعنا لهم إلى انقضاء آجالهم. فقد بين الله تعالى: أن ركوبهم السفن في البحر من الآيات العظيمة الباهرة، فإن سير السفينة بما فيها من الرجال، والأثقال فوق سطح الماء آية باهرة، فقد حملتهم قدرة الله تعالى، ونواميسه التي تحكم، وتصرفه بحكم خواص السفن، وخواص الماء، وخواص الريح، وكلها من أمر الله تعالى، وخلقه وتقديره، والسفينة في البحر الخضم كالريشة في مهب الهواء، وإن لم تدركها رحمة الله؛ فهي هالكة في لحظة من ليل، أو نهار، والذين ركبوا البحار، وشاهدوا الأخطار يدركون هول البحر المخيف، ويحسون معنى رحمة الله تبارك وتعالى، وأنها وحدها هي المنجي لهم من بين العواصف، والتيارات. انتهى.
صفوة التفاسير. هذا؛ وانظر ما ذكره الله تعالى عن الكافرين في الآية رقم [٣٢] من سورة (لقمان) حيث يلجئون إلى الله تعالى حين يغشاهم الموج من جميع جهاتهم، ويدركون: أنهم هالكون لا محالة. ومعنى {إِلى حِينٍ:} إلى أجل يموتون فيه، لا بد لهم منه بعد النجاة من موت الغرق، ولقد أحسن أبو الطيب المتنبي؛ إذ يقول:[الوافر] ولم أسلم لكي أبقى ولكن... سلمت من الحمام إلى الحمام
ورحم الله من يقول:[الطويل] ومن لم يمت بالسيف مات بغيره... تنوّعت الأسباب، والموت واحد
{وَمَتاعاً:} انتفاعا، وتلذذا. وتمتع، واستمتع بكذا: انتفع به، والمتعة: الانتفاع، والتلذذ بالشيء، وأمتعه الله، ومتّعه بكذا بمعنى واحد، ومتاع الغرور: أي: ما يغر، ويخدع، ولا يغر إلا ضعفاء الإيمان، وذوي النفوس المريضة. وخاب الفسقة الذين يقولون: إن متاع الغرور