الشرح:{سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ} أي: طلب طالب نزول العذاب به وبقومه، والطالب هو النضر بن الحارث؛ حيث قال كما حكى الله عنه في سورة (الأنفال) رقم [٣٢] قوله: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ}. فحقق الله له ما سأل حيث قتل هو، وعقبة بن أبي معيط صبرا يوم بدر، ولم يقتل صبرا غيرهما.
وقيل: إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك: أنه لما بلغه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-: «من كنت مولاه فعلي مولاه». ركب ناقته، فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح، ثم قال: يا محمد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقبلناه منك، وأن نصلي خمسا، فقبلناه منك، وأن نزكي أموالنا، فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام، فقبلناه منك، وأن نحج، فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا، أهذا شيء منك، أم من الله؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«والله الّذي لا إله إلاّ هو، ما هو إلاّ من الله». فولى الحارث، وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا؛ فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، فو الله ما وصل إلى ناقته؛ حتى رماه الله بحجر، فوقع على دماغه، فخرج من دبره، فقتله، فنزلت:{سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ}. انتهى. قرطبي، ولم أره لغيره.
وقيل: إن السائل هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أي: دعا عليه الصلاة والسّلام بالعقاب، وطلب أن يوقعه الله بالكفار، وهو واقع بهم لا محالة، وامتد الكلام إلى قوله تعالى:{فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} أي: لا تستعجل؛ فإنه قريب. والمعتمد الأول، وهو الذي أجمع عليه المفسرون.
هذا؛ وأصل «سأل» إذا كان من السؤال أن يتعدى إلى مفعولين، نحو قوله تعالى في سورة (هود) على حبيبنا، وشفيعنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}