للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى} أي: عجلت إلى الموضع الذي أمرتني بالمسير إليه لترضى عني؛ لأن المسارعة إلى امتثال أمرك، والوفاء بعهدك يوجب مرضاتك. هذا؛ وإنما أجاب موسى عليه السّلام بجوابين: أوّلهما كان همّ موسى بسط العذر، وتمهيد السبب في نفس ما أنكر عليه، فاعتذر بأنه لم يوجد منه إلا تقدم يسير عن رفقته وهذا يحصل بين الرفقة في غالب الأحيان، ثم أعقبه بالجواب الثاني، وهو الموافق للسؤال. وينبغي أن تعلم: أن السؤال يقع من الله، لكنه ليس لاستدعاء المعرفة، بل إما لتعريف غيره، أو لتبكيته، أو تنبيهه، كما صرح به الراغب، وظاهره: أنه ليس بمجاز كما يقول التلميذ: سألني الأستاذ عن كذا ليعرف فهمي، ونحو ذلك. انتهى جمل.

وانظر ما ذكرته بشأن العجلة في الآية رقم [١] من سورة (النحل) تجد ما يسرك.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَعْجَلَكَ:} ماض، والكاف مفعول به، والفاعل يعود إلى (ما). {عَنْ قَوْمِكَ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة، (يا): أداة نداء تنوب مناب: «أدعو».

(موسى): منادى مبني على الضم المقدر على الألف في محل نصب ب‍: (يا)، والآية في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: قال الله: وما أعجلك... إلخ. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {مُوسى}. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{أُولاءِ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ ثان. {عَلى أَثَرِي:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والياء في محل جر بالإضافة، وهذا الإعراب إنما هو على مذهب البصريين. هذا؛ وأجيز اعتبار الجار والمجرور متعلقين بمحذوف خبر ثان للمبتدإ، أو في محل نصب حال من اسم الإشارة. وأما الكوفيون؛ فهم يعتبرون اسم الإشارة موصولا وهو الخبر، والجار والمجرور صلته، والجملة الاسمية على الاعتبارين في محل نصب مقول القول. {وَعَجِلْتُ:} فعل، وفاعل. {إِلَيْكَ:} متعلقان بما قبلهما. {رَبِّ:} انظر الآية رقم [٢٥] {لِتَرْضى:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، و «أن» المضمرة بعد لام التعليل والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: عجلت، وعليه فالجملة الندائية معترضة بينهما، وجملة: {وَعَجِلْتُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول مثلها، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قالَ فَإِنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ (٨٥)}

الشرح: {قالَ} أي: قال الله: {فَإِنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} أي: ابتليناهم بعبادة العجل بعد خروجك من بينهم، وهم الذين خلف عليهم هارون، وكانوا ستمائة ألف، ما نجا من عبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>