الشرح:{وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ:} نجا، ينجو: فعل لازم، وتعديته تكون بتضعيف ثانيه كما هنا، أو بزيادة الهمزة في أوّله، كما ستراه في آيات كثيرة، ومعنى {نَجَّيْناكُمْ:} ألقيناكم على نجوة من الأرض، وهي ما ارتفع منها، هذا هو الأصل، ثمّ سمّي كلّ فائز ناجيا، فالنّاجي من خرج من ضيق إلى سعة، أو من شدّة إلى فرجة. هذا؛ والخطاب به، وبما بعده للموجودين في زمن نبينا صلّى الله عليه وسلّم بما أنعم على آبائهم، فهو تذكير لهم بنعمة الله تعالى؛ ليؤمنوا، وأيضا نجاة آبائهم سبب في وجود الأبناء.
{مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ:}{آلِ} أصله: أهل، فأبدلت الهاء همزة ساكنة، فصار:«أأل» ثم أبدلت الهمزة الثانية الساكنة، على القاعدة: إذا اجتمع همزتان: الأولى متحركة، والثانية ساكنة قلبت الثانية مدّا مجانسا لحركة الهمزة الأولى، وذلك: مثل آدم، وإيمان، وأومن، وقلب الهاء همزة سائغ مستعمل لغة كما في: أراق، فإن أصله: هراق، وهو كثير مستعمل في الشعر العربيّ، وغيره، وهذا مذهب سيبويه. وقال الكسائي: أصله: «أول» ك «جمل» من: آل، يؤول، تحرّكت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، وقد صغروه على أهيل، وهو يشهد للأوّل، وعلى «أويل» وهو يشهد للثاني، ولا يستعمل (آل) إلا فيما له خطر، وشأن بخلاف «أهل» يقال:
آل النبي، وآل الملك، ولا يقال: آل الحجّام، ولكن: أهله، ولا ينتقض بآل فرعون، فإنّ له شرفا باعتبار الدّنيا. واختلف في جواز إضافته إلى المضمر، فمنعه الكسائي، والنّحاس، وزعم أبو بكر الزبيدي: أنّه من لحن العوام، والصحيح جوازه، كما في قول عبد المطلب بن هاشم جدّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:[مجزوء الكامل]
لا همّ إن المرء يمن... ع رحله فا منع رحالك
وانصر على آل الصّلي... ب وعابديه اليوم آلك
وفي الحديث الصحيح من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«اللهم صل على محمد وعلى آله». و {آلِ فِرْعَوْنَ:} قومه، وأتباعه، وأهل دينه، وكذلك آل الرسول صلّى الله عليه وسلّم من هم على دينه، وملّته في عصره وسائر الأعصار سواء كان نسيبا له، أو لم يكن، ومن لم يكن على دينه وملّته، فليس من آله، ولا أهله وإن كان نسيبه، وقريبه، خلافا للرّافضة، حيث قالت: إن آل الرسول صلّى الله عليه وسلّم فاطمة،