للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاِسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤)}

الشرح: {وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ:} الأشد: ما بين ثمانية عشر إلى ثلاثين عاما، وقيل: الأشد:

ثلاثة وعشرون سنة. {وَاسْتَوى:} بلغ أربعين عاما هكذا قيل، ومعلوم أن بلوغه سن الأربعين كان عند رجوعه من مدين؛ لأنه أقام في مصر ثلاثين سنة، ثم ذهب إلى مدين، وأقام فيها عشر سنين، ووقعة قتل القبطي كانت قبل ذهابه إلى مدين، فهي السبب فيه؛ لذا تفسير الاستواء بانتهاء الشباب، وتكامل العقل، والقوى أولى بالاعتبار. ولا تنس: أن الله تعالى لم يذكر الاستواء في حق يوسف على نبينا، وعليهم ألف صلاة، وألف سلام. وانظر شرح {اِسْتَوى} في سورة (طه) رقم [٥]. و {آتَيْناهُ حُكْماً} أي: الحكمة قبل النبوة. والعلم: الفهم. وقال محمد بن إسحاق:

أي: العلم بما في دينه ودين آبائه، وكان له تسعة من بني إسرائيل يسمعون منه، ويقتدون به، ويجتمعون إليه، وكان هذا قبل النبوة. {وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} أي: كما جزينا أم موسى لما استسلمت لأمر الله، وألقت ولدها في البحر، وصدّقت بوعد الله، فرددنا ولدها إليها مصحوبا بالهدايا والتحف وهي آمنة، ثم وهبنا له العقل، والحكمة، والنبوة، وكذلك نجزي كل محسن على إحسانه. انتهى. قرطبي بتصرف.

الإعراب: {وَلَمّا:} الواو: حرف استئناف. (لما): حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وهي ظرف عند ابن السراج، والفارسي، وابن جني، وجماعة تتطلب جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه. وصوب ابن هشام الأول، والمشهور الثاني. {بَلَغَ:} فعل ماض، وفاعله يعود إلى موسى، والجملة الفعلية لا محل لها على اعتبار (لمّا) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لما) إليها على اعتبارها ظرفا.

{أَشُدَّهُ:} مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {وَاسْتَوى:} الواو: حرف عطف. (استوى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى موسى، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {آتَيْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول.

{حُكْماً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية جواب (لمّا) لا محل لها، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. {وَعِلْماً:} معطوف على ما قبله. {وَكَذلِكَ:} الواو: حرف استئناف.

الكاف: حرف تشبيه وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، التقدير: نجزي المحسنين جزاء كائنا مثل جزاء موسى وأمه على صبرهما، وإحسانهما. واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {نَجْزِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {الْمُحْسِنِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والكلام مستأنف لا محل له. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>