للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينتفع به الناس. ذكره الماوردي، وقد قيل في اللّحمين: إنهم الذين يكثرون أكل اللحم، ومنه قول عمر-رضي الله عنه-: اتقوا هذه المجازر، فإن لها ضراوة كضراوة الخمر، ذكره المهدوي، والأول قول سفيان الثوري. انتهى. قرطبي.

هذا؛ والفرح لذة في القلب بإدراك المحبوب، وأكثر ما يستعمل في اللذات البدنية، وقد ذم الله الفرح في مواضع كثيرة من كتابه، كقوله تعالى: {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} سورة (القصص) رقم [٧٦]، وقوله جلت قدرته: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} رقم [١٠] من سورة (هود)، ولكنه مطلق فإذا قيد الفرح لم يكن ذمّا؛ لقوله تعالى في حق الشهداء رقم [١٧٠] من سورة (آل عمران):

{فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ..}. إلخ، وقال سبحانه في سورة (يونس) رقم [٥٨]: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} أي: برحمته، وجوده، وإحسانه. وقال تعالى في سورة (الروم) رقم [٤]: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ}.

الإعراب: {ذلِكُمْ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {بِما:} الباء: حرف جر. (ما): مصدرية، تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وهي في الأصل في محل نصب مقول القول للقول الذي رأيت تقديره في الشرح. وإعراب {كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ} مثل إعراب: {كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ} بلا فارق بينهما. {بِغَيْرِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، و (غير) مضاف، و {الْحَقِّ} مضاف إليه. {وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} معطوف على ما قبله، وهو مثله في الإعراب، والتأويل، والتعليق، والتقدير بلا فارق.

{اُدْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦)}

تنبيه: لا أرى مزيدا للكلام في هذه الآية على ما ذكرته في الآية رقم [٧٢] من (الزمر) شرحا، وإعرابا، وهي في محل نصب مقول القول للقول الذي رأيت تقديره قبل الآية السابقة.

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧)}

الشرح: {فَاصْبِرْ} أي: فاصبر يا محمد على تكذيب قومك لك، فإن وعد الله بتعذيبهم كائن لا محالة، وهذا تسلية من الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، ووعد له بالنصر على أعدائه. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٥]. {فَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} أي: من القتل، أو الأسر. وقد وقع ذلك في حياته صلّى الله عليه وسلّم،

<<  <  ج: ص:  >  >>