وقد نسخ حكم هذه الاية بالاية التالية، وقد دام حكمها عشر ليال. وقيل: ما كان إلا ساعة من نهار. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
فائدة: قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-في مثل هذا التركيب:{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا:} دخلت (إن) على (لم) ليرتد الفعل إلى أصله في لفظه، وهو الاستقبال؛ لأن (لم) ترد الفعل المستقبل إلى معنى المضي، و (إن) ترد الماضي إلى معنى الاستقبال، فلما صارت (لم) ولفظ المستقبل بعدها بمعنى الماضي ردتها (إن) إلى الاستقبال؛ لأن (إن) ترد الماضي إلى معنى الاستقبال. انتهى.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ:} انظر رقم [٩]. {فَقَدِّمُوا:}(الفاء): واقعة في جواب {إِذا}. (قدموا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب {إِذا،} لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له، {بَيْنَ:} ظرف مكان متعلق بما قبله، و (بين) مضاف. و {يَدَيْ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى لفظا، وحذفت النون للإضافة، و (يدي) مضاف، و {نَجْواكُمْ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف في محل جر بالإضافة. {صَدَقَةً:} مفعول ل: (قدموا).
{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، وفاعله مستتر فيه. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب: {خَيْرٌ،} والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {فَإِنْ:}(الفاء): حرف استئناف، وتفريع، (إن): حرف شرط جازم. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {تَجِدُوا:} فعل مضارع مجزوم ب: {لَمْ،} وهو فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمفعول محذوف لعلمه من المقام، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنْ:}(الفاء): واقعة في جواب الشرط. (إنّ): حرف مشبه بالفعل.
{اللهَ:} اسمها. {غَفُورٌ رَحِيمٌ:} خبران لها، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط. هذا؛ وإن اعتبرت الجواب محذوفا. التقدير: فإن لم تجدوا الصدقة؛ فلا حرج، ولا إثم عليكم؛ فالجملة الاسمية تكون تعليلية لا محل لها، والجملة الشرطية:{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} لا محل لها؛ لأنها مستأنفة.
الشرح: هذه الاية ناسخة لحكم الاية السابقة، فهي متأخرة عنها نزولا؛ وإن اتصلت بها تلاوة، والنسخ كان بقوله تعالى:{فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ} وهذا يدل على جواز النسخ قبل