بينهما في الاستعمال، فلا يستعمل أحد إلا في النفي، وهو كثير في الكلام، أو في الإثبات مضافا، كما في قوله تعالى: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} بخلاف الواحد، وقولهم: ما في الدار أحد هو اسم لمن يعقل. ويستوي فيه الواحد، والجمع، والمذكر، والمؤنث. قال تعالى:
{يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ} وقال جل ذكره: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ}.
الإعراب: {وَاضْرِبْ:} الواو: حرف استئناف. (اضرب): أمر، وفاعله مستتر تقديره:
«أنت»، والمخاطب بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم. {لَهُمْ} أي: لأهل مكة: جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مَثَلاً:} مفعول به. {رَجُلَيْنِ:} بدل من {مَثَلاً} منصوب مثله، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {وَاضْرِبْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، والاستئناف أقوى فلا محل لها على الوجهين. {جَعَلْنا:} فعل، وفاعل.
{لِأَحَدِهِما:} متعلقان بما قبلهما، والاستئناف أقوى فلا محل لها على الوجهين. وقيل: متعلقان بمحذوف مفعول به ثان تقدم على الأول، وهو ضعيف معنى، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {جَنَّتَيْنِ:} مفعول به منصوب مثل: رجلين. {مِنْ أَعْنابٍ:} متعلقان بمحذوف صفة {جَنَّتَيْنِ،} وجملة: {وَجَعَلْنا..}. إلخ في محل نصب صفة رجلين. {وَحَفَفْناهُما:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب صفة مثلها. {بِنَخْلٍ:} متعلقان بما قبلهما، وهما في محل مفعول به ثان.
{وَجَعَلْنا:} فعل، وفاعل. {بَيْنَهُما:} ظرف مكان متعلق بما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة.
{زَرْعاً:} مفعول به، وجملة: {وَجَعَلْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب أيضا.
{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣)}
الشرح: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ:} أعطت. {أُكُلَها:} هو كل ما يؤكل من ثمر النخل، والأعناب، وجميع أنواع الحبوب، ومنه قوله تعالى: {أُكُلُها دائِمٌ} في الآية رقم [٣٥] من سورة (الرعد)، وقرئ: «(كل الجنتين آتى أكله)» ويقرأ: (أكلها) بضم الهمزة وضم الكاف وسكونها قراءتان سبعيتان. {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً:} ولم تنقص من أكلها شيئا يعرف في البساتين، فإن الثمار تتم في عام، وتنقص في عام غالبا، وأما ثمر هاتين الجنتين فهو تام في جميع الأعوام. وقيل: المعنى لم تمتنع منه شيئا، ومن نوادر الأعراب. قيل لأعرابي: أتأكل العنب؟ قال: ما ظلمني أن آكله؛ أي: ما منعني أن آكله. وقيل منه: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً}.
تنبيه: كلا، وكلتا مفردان لفظا مثنيان معنى، مضافان أبدا، لفظا، ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالة على اثنين، إما بالحقيقة والتنصيص، كما في هذه الآية، وإما بالحقيقة والاشتراك، نحو:
(كلانا)، فإن «نا» مشتركة بين الاثنين والجماعة، أو بالمجاز كقول عبد الله بن الزّبعرى: [الرمل]