{فَضْلاً} على معنى: وآتيناه تسبيح الطير. قاله الكسائي. والرابع: هو منصوب بفعل محذوف، التقدير: وسخرنا له الطير. وأما الرفع؛ ففيه وجهان: أحدهما هو معطوف على لفظ (جبال).
والثاني: هو معطوف على ياء المخاطبة في {أَوِّبِي،} وأغنت (مع) عن توكيد الضمير المتصل بضمير الرفع المنفصل. {وَأَلَنّا:} والواو: حرف عطف. (ألنا): فعل، وفاعل. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الْحَدِيدَ:} مفعول به، وجملة:{وَأَلَنّا لَهُ الْحَدِيدَ} معطوفة على جملة {آتَيْنا..}. إلخ لا محل لها مثلها.
الشرح:{أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ} أي: أمرناه بأن اصنع دروعا سابغات؛ أي: كاملات، واسعات طوالا، تسحب في الأرض. هذا؛ ويقرأ: «(صابغات)» بالصاد، ورأيت في الآية السابقة: أنه هو أول من اتخذ الدروع بهذا الشكل. {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي: وقدر في نسجها بحيث يتناسب حلقها.
وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: التقدير الذي أمر به هو في المسمار؛ أي: لا تجعل مسمار الدرع رقيقا فيقلق، أي لا يستقر في مكانه، ولا غليظا فيفصم الحلق. أو المعنى: اجعل الدرع متوسطة، لا ثقيلة تتعب حاملها، ولا رقيقة خفيفة لا ترد عن صاحبها ضربات السيوف. هذا؛ والسرد: نسج حلق الدروع، ومنه قيل لصانع حلق الدروع: السّراد، والزرّاد بإبدال السين زايا، والسرد: الخرز، ويقال: سرد الحديث، والصوم؛ أي: أتى بهما ولاء في نسق واحد، ومنه: سرد الكلام. قالت عائشة-رضي الله عنها-: لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يسرد الحديث كسردكم، وكان يحدّث الحديث لو أراد العادّ أن يعدّه؛ لأحصاه. {وَاعْمَلُوا صالِحاً:} هذا أمر لداود، وأهل بيته. {إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي: فأجازيكم به، إن خيرا؛ فخير، وإن شرا فشر. وفي الكلام التفات من خطاب الواحد إلى خطاب الجماعة، كما هو ظاهر.
الإعراب:{أَنِ:} مفسرة، أو مصدرية. {اِعْمَلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر فيه تقديره:
«أنت». {سابِغاتٍ:} صفة لمفعول به محذوف، فهو منصوب مثله، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والجملة الفعلية:{أَنِ اعْمَلْ..}. إلخ مفسرة للفعل المقدر ب: أمرنا. وعلى اعتبار {أَنِ} مصدرية تؤول مع الفعل بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: أمرناه بعمل سابغات. {وَقَدِّرْ:} الواو: حرف عطف. (قدر): فعل أمر، وفاعله تقديره:«أنت». {فِي السَّرْدِ:} متعلقان به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على الاعتبارين فيها. (اعملوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {صالِحاً:}
مفعول به، وهو صفة لموصوف محذوف، التقدير: اعملوا عملا صالحا، لذا قيل: صفة لمفعول مطلق محذوف، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.