جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، أو «إذا» الفجائية، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه كما ذكرته لك مرارا، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها، والتي بعدها معطوفة عليها.
وإعرابها مثلها بلا فارق. {وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص. {اللهُ:}
اسمها. {عَلى كُلِّ:} متعلقان ب: (مقيت). و {كُلِّ} مضاف، و {شَيْءٍ:} مضاف إليه. {مُقِيتاً:}
أراد على ملكه، وقال زهير بن جناب الكلبي:[مجزوء الكامل]
ولكلّ ما نال الفتى... قد نلته إلاّ التّحيّة
ونقل عن مالك، وأبي حنيفة-رحمهما الله تعالى-أنّهما قالا: المراد ب {حُيِّيتُمْ:} الهبة؛ لقوله تعالى:{أَوْ رُدُّوها}. والصحيح: أنّ التحية هنا السّلام، لقوله تعالى في سورة (المجادلة): {وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ،} وفي كثير من الآيات قوله تعالى: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ} وعلى هذا جماعة المفسرين، وإذا ثبت، وتقرّر؛ ففقه الآية أن يقال: أجمع العلماء على أنّ الابتداء بالسلام سنة مرغّب فيها، وردّه فريضة لقوله تعالى:{فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها} والمعنى: إذا سلم عليكم أحد بسلام؛ فردّوا بأحسن منه، يزيد الراد: وبركاته، وإن قال المسلّم:(السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته) لا يزيد الرادّ شيئا بل يرد هذا الكلام بعينه فقط. قال الله مخبرا عن البيت الكريم في سورة (هود) على نبينا وحبيبنا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ألف صلاة وألف سلام: {رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}. فإن انتهى بالسّلام غايته زدت في ردّك: الواو في أوّل كلامك، فقلت: وعليك السّلام ورحمة الله، وبركاته. والردّ بالمثل أن يقول لمن قال: السّلام عليك: عليك السّلام. إلا أنّه ينبغي أن يكون كلّه بلفظ الجماعة؛ وإن كان المسلّم عليه واحدا، ذكرا كان، أو أنثى، فإنّ معه الملائكة، وكذلك الردّ يكون بلفظ الجمع، وكذلك يرد السّلام بلفظ الجمع لمن قال له: فلان يقرئك السّلام، أو قرأ رسالة فيها لفظ السّلام عليكم؛ لأنّ الكتاب من الغائب كالسّلام من الحاضر. وروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنّه كان يرى ردّ الكتاب واجبا، كما يرى ردّ السّلام.