ذكرته في الآية رقم [١٦] فإنه جيد. {سَمِعْتُمُوهُ:} ماض مبني على السكون، والتاء فاعله، والميم علامة جمع الذكور، وحركت بالضم لتحسين اللفظ، فتولدت واو الإشباع، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {ظَنَّ:} ماض. {الْمُؤْمِنُونَ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. (المؤمنات): معطوف على ما قبله. {بِأَنْفُسِهِمْ:} متعلقان بالفعل {ظَنَّ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {خَيْراً:} مفعول به. وجملة:{ظَنَّ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية.
الشرح:{لَوْلا:} هلا. {جاؤُ عَلَيْهِ:} على ما زعموا، وقذفوا به عائشة-رضي الله عنها-. {بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} أي: يشهدون بما زعموا، وافتروا. {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ} أي: في حكم الله وشريعته. {هُمُ الْكاذِبُونَ} أي: فيما زعموا، وافتروا؛ لأن الله تعالى جعل الفرق بين الرمي الصادق، والكاذب ثبوت شهادة الشهود الأربعة، وانتفاءها، والذين رموا عائشة-رضي الله عنها-لم يكن لهم بينة على قولهم، فكانوا كاذبين. هذا؛ وانظر ما ذكرته بشأن {الْكَذِبَ} في الآية رقم [١٠٥] من سورة (النحل) فإنه جيد.
تنبيه: رتب سبحانه وتعالى الحدود على حكمه الذي شرعه في الدنيا، لا على مقتضى علمه الذي تعلق بالإنسان على ما هو عليه، فإنما يبنى على ذلك حكم الآخرة، ومما يقوي هذا المعنى ويعضده، ما خرجه البخاري-رحمه الله تعالى-عن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: أنه قال: أيها الناس! إنّ الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا؛ أمنّاه، وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوآ؛ لم نأمنه، ولم نصدّقه؛ وإن قال: إن سريرته حسنة. وأجمع العلماء: أنّ الأحكام في الدنيا على الظاهر، وأن السرائر إلى الله عز وجل. انتهى. قرطبي.
فائدة: روي: أن حسان بن ثابت-رضي الله عنه-قد أنكر أن يكون قال شيئا في حق عائشة-رضي الله عنها-يتجلى ذلك في قوله:[الطويل]