(ما) مهملة فالضمير مبتدأ، وتكون الباء زائدة في خبره. {لَنا}: متعلقان ب (مؤمن)، والجملة الاسمية:{وَما أَنْتَ..}. إلخ في محل نصب حال من {الذِّئْبُ،} والرابط: الواو فقط على حد الآية رقم [١٤]. {وَلَوْ}: الواو: واو الحال. (لو): وصلية. {تَرَكْنا}: ماض ناقص مبني على السكون، و (نا) اسمها. {صادِقِينَ}: خبر كان منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، وجملة:{وَلَوْ كُنّا..}. إلخ في محل نصب حال من:(نا)، والرابط: الواو، والضمير، فهي حال متداخلة، هذا؛ واعتبر الجلال (لو) امتناعية شرطية، وقدر لها جوابا بقوله:«ولو كنا صادقين عندك لاتهمتنا في هذه القصة»، وردّ ذلك الجمل وفنده، فيكون المعتمد الأول.
الشرح:{وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} أي: بدم مكذوب فيه، كان دم سخلة، أو جدي، أو دم ظبية لطخوا القميص فيه، ولم يشقوه، فقال يعقوب عليه السّلام حين رأى القميص هكذا:
كيف أكله الذئب، ولم يشق قميصه؟! فاتهمهم بذلك، وقيل: إنهم أتوه بذئب، وقالوا: هذا أكله، فقال: أيها الذئب أنت أكلت ولدي، وثمرة فؤادي؟ فأنطقه الله، وقال: والله ما أكلت ولدك، ولا رأيته قط، ولا يحل لنا أن نأكل لحوم الأنبياء، فأطلقه يعقوب، هذا؛ وقرئ: «(كذبا)» بالنصب على الحال من الواو، أي: جاءوا كاذبين، وقرئ: «(كدب)» بالدال، أي: بدم كدر، أو طري؛ إذ يقال للدم الطري: الكدب.
هذا؛ وأصل دم دمي، وقيل: دمو، حذفت لامه للتخفيف، فيثنى على لفظه: دمان بدون رد لامه، ويثنى: دميان أو دموان برد لامه، أما في الجمع فلا بد من ردّ لامه، فيقال: دماي، أو دماو، فيقال في إعلاله: تحركت الياء، أو الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة والألف المنقلبة فأبدلت الثانية همزة، فصار دماء، وانظر إعلال (أخ) في الآية رقم [٥٩].
روي: أنه لما سمع بخبر يوسف؛ صاح، وسأل عن قميصه، فأخذه وألقاه على وجهه، وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص، وقال: ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا، أكل ابني، ولم يمزق عليه قميصه، ولذلك قال:{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} أي: سهلت لكم أنفسكم، وزينت، أو هونت في أعينكم أمرا عظيما، وأيقن: أن الذئب لم يأكله، فأعرض عنهم كالمغضب باكيا حزينا، وقال: يا معشر ولدي دلوني على ابني، فإن كان حيا رددته إلي، وإن كان ميتا كفنته ودفنته. {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} أي: فحالي، وشأني، أو: أمري صبر جميل، أو فصبر جميل أجمل، وفي الحديث:«الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه إلى الخلق». وانظر ما ذكرته في الآية