للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة عبس]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (عبس) وتسمى سورة السفرة، وسورة الأعمى مكية في قول الجميع، وهي إحدى وأربعون آية، ومئة وثلاثون كلمة، وخمسمئة وثلاثة وثلاثون حرفا. انتهى خازن.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{عَبَسَ وَتَوَلّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤)}

الشرح: {عَبَسَ وَتَوَلّى:} كلح بوجهه، وقطب، وأعرض عنه. وانظر «التولي» في سورة (القيامة) رقم [٣٢]. {أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى:} هو ابن أم مكتوم، واسمه عبد الله. وقيل: عمرو بن شريح بن مالك بن ربيعة القرشي الفهري من بني عامر بن لؤي، وأم مكتوم أم أبيه، واسمها:

عاتكة بنت عامر المخزومي، وهو ابن خالة خديجة بنت خويلد-رضي الله عنها-أسلم قديما بمكة، وذلك: أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو يحدث صناديد قريش: عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأبي بن خلف، وأخاه أمية، والوليد بن المغيرة، يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم أولئك الأشراف الذين كان يخاطبهم، فيتقوى بهم الإسلام، ويسلم بإسلامهم أتباعهم، فتعلو كلمة الله.

فقال: يا رسول الله! أقرئني، وعلمني مما علمك الله! وكرر ذلك، وهو لا يعلم تشاغل النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقوم، فكره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطعه لكلامه، وعبس، وأعرض عنه، وأقبل على القوم الذين يكلمهم. وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما اتبعه الصبيان، والعبيد، والسفلة، والعميان. فأنزل الله هذه الآيات معاتبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك يكرمه إذا رآه، ويقول: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي!». ويقول له: «هل لك من حاجة؟». واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين، وكان من المهاجرين الأولين. وقيل: قتل شهيدا بالقادسية. قال أنس بن مالك-رضي الله عنه-: فرأيته يوم القادسية راكبا، وعليه درع، ومعه راية سوداء.

قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: نظير هذه الآية في العتاب قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٥٢]: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ،} وكذلك قوله في سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>