للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥)}

الشرح: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ} أي: للمنافقين، وذلك لما نزل القرآن بذمهم، وكشف خبثهم، مشى إليهم أقرباؤهم، وقالوا لهم: افتضحتم بالنفاق، فتوبوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من النفاق، واطلبوا منه أن يستغفر لكم. {لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ} أي: حركوها استهزاء وإباء، وعطفوها إعراضا، واستكبارا عن ذلك. والمخاطب بذلك جميع المنافقين، وعلى رأسهم ابن أبيّ لعنه الله تعالى، وروي: أنه لما لوى رأسه قال: أمرتموني أن أؤمن، فآمنت، وأن أعطي زكاة مالي، فأعطيت، ولم يبق إلا أن تأمروني بالسجود لمحمد. {وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ} أي: يعرضوان عنك وعن الإيمان بالله، وبك. {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ:} عن الإيمان، والاعتذار، والاستغفار.

هذا؛ وقال ابن هشام في قطر الندى: وأما هات، وتعال؛ فعدهما جماعة من النحويين في أسماء الأفعال، والصواب: أنهما فعلا أمر، بدليل: أنهما دالان على الطلب، وتلحقهما ياء المخاطبة، فتقول: هاتي وتعالي. واعلم: أن آخر (هات) مكسور أبدا، إلا إذا كان لجماعة المذكرين، فإنه يضم، وأن آخر (تعال) مفتوح في جميع أحواله من غير استثناء، تقول: تعال يا زيد، وتعالي يا هند، وتعاليا يا زيدان، أو يا هندان، تعالوا يا زيدون، وتعالين يا هندات، كل ذلك بالفتح. قال الله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ..}. إلخ، وقال تعالى: {فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ..}. إلخ ومن ثم لحنوا أبا فراس الحمداني بقوله: [الطويل] أيا جارتا ما أنصف الدّهر بيننا... تعالي أقاسمك الهموم تعالي

وأقول: إن الفعلين (هات، وتعال) ملازمان للأمرية، فلا يأتي منهما مضارع، ولا ماض، وهما بمعنى: (أحضروا، أو احضروا) فالأول متعد، وهو من الرباعي، والثاني لازم، وهو من الثلاثي وأما: تعالى، يتعالى، فهما بمعنى: تعاظم، يتعاظم، أو بمعنى: تنزه، يتنزه. وقيل في إعلال (تعالوا): أصله: تعالووا، ثم تعاليوا، فحذفت الضمة التي على الياء للثقل، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء وبقيت الواو؛ لأنها ضمير، وبقيت الفتحة على اللام لتدل على الألف المحذوفة.

الإعراب: {إِذا:} انظر الاية رقم [١]. {قِيلَ:} فعل ماض مبني للمجهول، {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {تَعالَوْا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل {قِيلَ،} أفاده ابن هشام في مغنيه، وهذا يكون جاريا على القاعدة العامة: «يحذف الفاعل ويقام المفعول به مقامه». وهذا لا غبار عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>