للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي: من اليهود، والنصارى. {مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي: من شهود يوم عظيم هوله، وحسابه، وجزاؤه، وهو يوم القيامة، أو من وقت الشهود، أو من مكانه، ف‍: {مَشْهَدِ} يحتمل المصدر والزمان والمكان، وكل له معنى خاص فيه، وأقواها: شهادة ذلك اليوم عليهم، وهو أن يشهد عليهم الملائكة، والرسل، وألسنتهم، وأيديهم، وأرجلهم بالكفر، والفسوق، والعصيان. انظر سورة (التوبة) [٣٠].

هذا؛ و {الْأَحْزابُ} جمع: حزب، وهو الطائفة من الناس اجتمعوا على أمر من الأمور، وكل قوم تشاكلت قلوبهم، وأعمالهم حزب، وإن لم يلق بعضهم بعضا، وحزب الشيطان: هم المتبعون وساوسه وزخارفه، ودعوته إلى الشر، والفساد، وحزب الله: هم المتبعون، أوامره، المنتهون عن مناهيه، قال تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} الآية رقم [٥٣] من سورة (المؤمنون) ورقم [٣٢] من سورة (الروم).

الإعراب: {فَاخْتَلَفَ:} الفاء: حرف استئناف. (اختلف): ماض. {الْأَحْزابُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {مِنْ:} حرف جر صلة. {بَيْنِهِمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من {الْأَحْزابُ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والهاء في محل جر بالإضافة. {فَوَيْلٌ:} الفاء: حرف استئناف. (ويل): مبتدأ سوغ الابتداء به، -وهو نكرة-الدعاء؛ لأنه من المسوغات، سواء أكان له، أو عليه.. إلخ. {لِلَّذِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْ مَشْهَدِ:} متعلقان بمحذوف صفة (ويل) بعد الخبر، وهو جائز، ولا يجوز أن يتعلقا ب‍: (ويل) لأجل الفصل. انتهى عكبري. وقال أبو السعود: متعلقان به على معنى: يولولون، ويضجون منه. والأول: أولى، و {مَشْهَدِ:} مضاف، و {يَوْمٍ:} مضاف إليه. {عَظِيمٍ:} صفة يوم، والجملة الاسمية: {فَوَيْلٌ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨)}

الشرح: {أَسْمِعْ..}. إلخ: هذا تعجب عجب الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم من اختلافهم في شأن عيسى عليه السّلام، ووصفه بصفات الربوبية. قال الكلبي: لا أحد أسمع منهم يوم القيامة، ولا أبصر، حين يقول الله تبارك وتعالى لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}. {لكِنِ الظّالِمُونَ الْيَوْمَ} أي: في الدنيا. {فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:} وأي ضلال أبين من أن يعتقد المرء في شخص مثله حملته الأرحام، وأكل وشرب، وأحدث، ومرض، واحتاج: أنه إله؟! ومن هذا؛ وصفه، فهو أصم، وأعمى، ولكنه سيبصر، ويسمع في الآخرة إذا رأى العذاب، ولكنه لا ينفعه ذلك. انتهى. قرطبي. هذا؛ وأظهر: {الظّالِمُونَ} في موضع الإضمار زيادة في التشنيع عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>