للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بإضافة مفعول لأجله إليه محذوف، التقدير:

كراهة، أو مخافة إصابتكم، وهذا عند البصريين، وهو عند الكوفيين على تقدير: لئلا تصيبوا. كما في الاية رقم [٢]. {قَوْماً:} مفعول به. {بِجَهالَةٍ:} متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، التقدير: جاهلين. {فَتُصْبِحُوا:} فعل مضارع ناقص منصوب ب‍: «أن» مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو اسمه، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير: لئلا تكون منكم إصابة قوم بجهالة، فندامة على فعلكم. {عَلى ما:} متعلقان ب‍: {نادِمِينَ} و {قَوْماً} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍: {عَلى،} والجملة: {فَعَلْتُمْ} صلة {قَوْماً،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير:

على الذي، أو شيء فعلتموه، وعلى اعتبار {قَوْماً} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب‍: {عَلى،} التقدير: على فعلكم. {نادِمِينَ:} خبر: (تصبحوا) منصوب... إلخ.

{وَاِعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ (٧)}

الشرح: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ:} فلا تكذبوا، فإن الله يعلمه أنباءكم، ويكشف أسراركم، فتفتضحون؛ لذا يجب عليكم أن تعظّموه وتوقّروه، وتنقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم، وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتمّ من رأيكم لأنفسكم. {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} أي: لو يسارع إلى ما أردتم قبل وضوح الأمر لنالكم مشقة وإثم، فإنه لو قتل القوم الذين سعى بهم الوليد بن عقبة إليه؛ لكان خطأ، وهذا يدل على أنّ بعض المؤمنين زينوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الإيقاع ببني المصطلق، وتصديق قول الوليد، وأن بعضهم كانوا يتصونون، ويزعهم جدّهم في التقوى عن الجسارة على ذلك. والتعبير بالمضارع دليل على أنه كان في إرادتهم استمرار عمله على ما يستصوبونه، وأنّه كلما عنّ لهم رأي في أمر كان معمولا به بدليل قوله:

{فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ}. هذا؛ والعنت: الإثم والمشقة، والعناء، كما في قوله تعالى في آخر سورة (براءة): {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} والعنت أيضا: الفجور، والزنى كما في سورة (النساء) رقم [٢٥]: {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}. هذا؛ والعنت في الأصل: انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة، وضرر.

{وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ:} هذا خطاب للمؤمنين الصادقين المخلصين؛ الذين لا يكذبون النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يخبرونه بالباطل. {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي: حسّنه إليكم؛ حتى اخترتموه.

<<  <  ج: ص:  >  >>