للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في محل رفع خبر المبتدأ، مثل قوله تعالى في سورة (الذاريات): {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ،} ومنه قول الفرزدق-وهو الشاهد رقم [١٢٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

والجملة الاسمية: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ:} تعليل للنهي، لا محلّ لها. {أَنْ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهِ:} اسمها. {جامِعُ:} خبرها، وهو مضاف، و {الْمُنافِقِينَ:} مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَالْكافِرِينَ:} معطوف على سابقه بالواو العاطفة. {فِي جَهَنَّمَ:} متعلقان ب‍ {جامِعُ،} وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {جَمِيعاً:} حال من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور، والجملة الاسمية: {أَنْ..}. إلخ تعليل لكونهم مثلهم في الكفر، فهو تعليل للتّعليل.

{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (١٤١)}

الشرح: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ:} أي: ينتظرون وقوع أمر بكم يغمّكم، ويحزنكم. والخطاب للمؤمنين. {فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ:} نصر، وغنيمة، وغلبة على المشركين. {قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} أي: معاونين لكم في الحرب، ونحن على دينكم، فأعطونا من الغنيمة. {وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ} أي: حظ من الغلبة على المسلمين، كالذي حصل في غزوة أحد. {قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ:} ألم نغلبكم، ونتمكّن من قتلكم، ولكنّنا أبقينا عليكم. أو المعنى: ألم نغلب عليكم حتّى هابكم المسلمون، وذلك بتثبيطنا لهم، وتقاعدنا عن مشاركتهم في الحرب، كالّذي حصل في غزوة أحد حين انخزل المنافقون عن المؤمنين. هذا؛ وقد سمّى الله ظفر المسلمين بالكافرين: فتحا تعظيما لشأنهم، وعلوّ قدرهم؛ لأنّه أمر عظيم تفتح له أبواب السّماء. وسمّى ظفر الكافرين: نصيبا، تحقيرا لحظّهم؛ لأنّه لحظة من الدّنيا يصيبونها، أمّا الاستحواذ؛ فهو:

الاستيلاء، يقال: استحوذ على كذا؛ أي: استولى، وغلب عليه، وهذا الفعل جاء على الأصل، ولو أعلّ؛ لكان: ألم نستحذ، والفعل على الإعلال: استحاذ، يستحيذ. وانظر سورة المجادلة رقم [١٩] فالكلام فيها جيد، وجيّد، والحمد لله!.

{فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ..}. إلخ يعني: بين المؤمنين، والمنافقين. والمعنى: إنّ الله وضع السيف عن المنافقين في الدّنيا، لا لإكرامهم، بل أخّر عذابهم إلى الآخرة؛ ليضاعفه لهم، كما ستقف عليه في آية تالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>