للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكسر الميم، وضمها: اسم للتمتيع، والزاد القليل، وما يتمتع به من الصيد والطعام؛ ومتعة المرأة ما وصلت به بعد الطلاق من نحو القميص، والإزار، والملحفة، قال تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} هذا؛ والتمتع بالمرأة إلى أجل معلوم بيّنت فساده في أول سورة (المؤمنون).

{ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ:} نلجئهم، ونردهم. {إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ:} شديد. شبه إلزامهم التعذيب، وإرهاقهم إياه باضطرار المضطر إلى الشيء؛ الذي لا يقدر على الانفكاك منه، وهي استعارة مكنية هذا؛ والغلظ مستعار من الأجرام الغليظة، والمراد الشدة، والثقل على المعذب. هذا؛ وقد قال تعالى في الآية رقم [١٢٦] من سورة (البقرة): {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.

الإعراب: {نُمَتِّعُهُمْ:} فعل مضارع، والفاعل المستتر فيه وجوبا تقديره: «نحن»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {قَلِيلاً:} صفة مفعول مطلق محذوف، أي: تمتيعا قليلا، أو صفة زمان محذوف؛ أي: نمتعهم زمانا قليلا، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها مثلها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥)}

الشرح: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمسئول منهم أهل مكة. {مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:} ذكر الله من آثار قدرته، ودلائل عظمته خلق السموات والأرض، وخصهما بالذكر هنا وفي كثير من الآيات؛ لأنها أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، وجمع السموات دون الأرض، وهي مثلهن؛ لأن طبقاتها مختلفة بالذات، متفاوتة بالصفات، والآثار، والحركات، وقدمها لشرفها، وعلو مكانها، وتقدم وجودها، ولأنها متعبد الملائكة، ولم يقع فيها معصية كما في الأرض، وأيضا: لأنها كالذكر، فنزول المطر من السماء على الأرض، كنزول المني من الذكر في رحم المرأة؛ لأن الأرض تنبت، وتخضر بالمطر.

{لَيَقُولُنَّ اللهُ:} لما تقرر في العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود.

{قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ:} إلزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السموات، والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد، والشكر، وأن لا يعبد معه أحد غيره. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ:} أن ذلك يلزم، وإذا نبهوا عليه؛ لم ينتبهوا، وذكر الأكثر إما لأن بعضهم لا يعرف الحق لنقصان عقله، أو لتقصيره في النظر، أو لم تقم عليه الحجة؛ لأنه لم يبلغ حد التكليف، أو لأنه يقام مقام الكل، وانظر الآية رقم [٦] من سورة (الروم). والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>