للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدم، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، وانظر تفصيل الإعراب في الآية رقم [١٦].

{سَخَّرْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به. {لَكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، وأجيز اعتبارها حالا؛ أي: حالة كونها مسخرة. {لَعَلَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {تَشْكُرُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، تقديره: إنعامنا، وتفضلنا عليكم، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لعلّ)، والجملة الاسمية:

{لَعَلَّكُمْ..}. إلخ مفيدة للتعليل لا محل لها.

{لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)}

الشرح: {لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها} أي: لن يصل إلى الله لحومها، ولا دماؤها؛ ولكن يصل إليه، ويرفع لديه التقوى، أي: ما أريد به وجهه، فذلك الذي يقبله، ويرفع إليه، ويثيب عليه، قال الرسول المعظم صلّى الله عليه وسلّم: «إنّما الأعمال بالنّيات، وإنما لكلّ امرئ ما نوى». هذا؛ ويقرأ الفعلان بالتاء، نظرا إلى اللحوم. هذا؛ و {لُحُومُها} جمع: لحم، ويجمع أيضا على:

لحام، قال لبيد-رضي الله عنه-في معلقته: [الكامل]

أدعو بهنّ لعاقر أو مطفل... بذلت لجيران الجميع لحامها

هذا؛ ويقال: لحم، وألحم، ولحمان، ولحام، ورجل لحيم شحيم: إذا كان قرما إلى اللحم، والشحم. {كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ..}. إلخ: أي: سخر البدن، وذللها للذبح، ومكننا من التصرف فيها، وهي أعظم منا أبدانا، وأقوى منا أعضاء؛ ذلك ليعلم ابن آدم: أن الأمور ليست على ما تظهر للعبد من التدبير، وإنما هي بحسب ما يريدها العزيز القدير، فيغلب الصغير الكبير؛ ليعلم الخلق: أن الغالب هو الله الواحد القهار فوق عباده انتهى. قرطبي بتصرف. هذا؛ وكرر ذكر التسخير للتأكيد، وزيادة التذكير بالنعمة.

{لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ:} ذكر سبحانه في الآية السابقة ذكر اسمه على البدن ونحوها التي تذبح تقربا إليه، وذكر هنا التكبير ليجمع المسلم بينهما عند ذبح القربة، بل وغيرها من الذبائح، وكان عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-يجمع بينهما إذا نحر هديه، فيقول:

باسم الله، والله أكبر، وهذا من فقهه رضي الله عنه،، كيف لا وقد روى أبو داود عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: ذبح النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الذّبح كبشين أقرنين، موجوءين، خصيّين، أملحين، فلمّا وجّههما؛ قال: «إنّي وجّهت وجهي للّذي فطر السّموات والأرض... إلى قوله:

وأنا أوّل المسلمين، اللهمّ منك، ولك، عن محمد، وأمّته، باسم الله، والله أكبر». ثم ذبح.

ومعنى {هَداكُمْ:} أرشدكم، ووفقكم لذبح الذبائح، والتقرب به إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>