للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ} وضل الشيء: ضاع وهلك، وضل: أخطأ، ولولا هذا المعنى؛ لكفر أولاد يعقوب بقولهم لأبيهم في حضرته: {تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} وقولهم في غيبته: {إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. وضل: تحير، وهو أقرب ما يفسر به قوله تعالى لحبيبه محمد صلّى الله عليه وسلّم: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى}.

الإعراب: {ثانِيَ:} حال من فاعل {يُجادِلُ} المستتر، و {ثانِيَ} مضاف، و {عِطْفِهِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والهاء في محل جر بالإضافة. {لِيُضِلَّ:}

مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وفاعله يعود إلى (من)، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يُجادِلُ} أو ب‍:

{ثانِيَ}. {عَنْ سَبِيلِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {سَبِيلِ} مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه.

{اللهِ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {فِي الدُّنْيا:} متعلقان بالخبر المحذوف، أو بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف. {خِزْيٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. وأجيز اعتبارها حالا من فاعل {يُجادِلُ} أيضا. {وَنُذِيقُهُ:} الواو:

حرف عطف. (نذيقه): مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والهاء مفعول به أول. {يَوْمَ:}

ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، ويوم مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه. {عَذابَ:} مفعول به ثان، و {عَذابَ} مضاف، و {الْحَرِيقِ} مضاف إليه، من إضافة الموصوف لصفته، والجملة الفعلية {وَنُذِيقُهُ..}. إلخ معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، على الوجهين المعتبرين فيها.

{ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٠)}

الشرح: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ:} الإشارة إلى العذاب المذكور في الآية السابقة، أي:

يقال له يوم القيامة إذا دخل النار: ذلك العذاب بما قدمت يداك من الكفر، والمعاصي. وعبر باليدين عن الجملة؛ لأن سائر الأعمال بهما، ولأن اليد هي التي تفعل، وتبطش للجملة. وفي الكلام التفات من الغيبة في الآية السابقة إلى الخطاب في هذه الآية، وانظر الالتفات في الآية رقم [٣٤] من سورة (الأنبياء). {وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ:} ليس المراد ب‍ {بِظَلاّمٍ} المبالغة حتى تنتفي المبالغة، ويبقى أصل الظلم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وإنما المراد نفي نسبة الظلم إليه تعالى؛ إذ المعنى: ليس بذي ظلم، وينبغي أن تعلم: أن الآية الكريمة قد ذكرت بحروفها في سورة (آل عمران) برقم [١٨٢]، وفي سورة (الأنفال) برقم [٥١] مع اختلاف المراد في كل سورة، وانظر شرح «اليد» في الآية رقم [٦٤] من سورة (مريم) على نبينا، وحبيبنا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام، وانظر شرح {عِبادِيَ} في الآية رقم [١٠٥] من سورة (الأنبياء). هذا؛ واسم الإشارة {ذلِكَ} بمعنى: «هذا» ودخلت عليه اللام للتهويل، والتفظيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>