والكاف مفعول به أول. {قَوْماً:} مفعول به ثان. {تَجْهَلُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب صفة:{قَوْماً،} وهي المرادة هنا؛ لأنهم معروفون: أنهم قوم. والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لكن)، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، واعتبارها حالا من فاعل:(أبلغكم) لا بأس به، ويكون الرابط: الواو، والضمير، وجملة:{قالَ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.
الشرح:{فَلَمّا رَأَوْهُ:} قال المبرد: الضمير يعود إلى غير مذكور، وبيّنه قوله:{عارِضاً} فالضمير يعود إلى السحاب. أي: فلما رأوا السحاب عارضا. وقيل: يرجع الضمير إلى قوله:
{فَأْتِنا بِما تَعِدُنا}. والعارض: السحاب الذي يعترض في أفق السماء. وقال أبو حيان:
والعارض: المعترض في الجو من السحاب الممطر، ومنه قول الفرزدق وهو الشاهد رقم [٧١٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [المنسرح] يا من رأى عارضا أسرّ به... بين ذراعي وجبهة الأسد
وقال الأعشى، في معلقته رقم [٣٨]: [البسيط] يا من رأى عارضا قد بتّ أرمقه... كأنّه البرق في حافاته الشّعل
{مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ:} وذلك: أنه خرجت عليهم سحابة سوداء من ناحية واد، يقال له:
المغيث، وكان قد حبس عنهم المطر مدة طويلة، فلما رأوا تلك السحابة؛ فرحوا بها، واستبشروا، وقالوا:{هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا} أي: يأتينا بالمطر. {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ..}. إلخ:
هذا يحتمل أن يكون من قول الله تعالى، ويحتمل أن يكون من قول هود لهم.
هذا؛ وعن عائشة أم المؤمنين-رضي الله عنها-: أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يبتسم، وكان إذا رأى غيما، أو ريحا؛ عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم؛ فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، فقال:«يا عائشة! ما يؤمّنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: {هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا»}. أخرجه الشيخان، وأحمد، والترمذي، وقال فيه: حديث حسن، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور». الصبا (بفتح الصاد) الاتية من جهة المشرق والدبور عكسها.