الشرح:{وَقالُوا يا أَيُّهَا السّاحِرُ..}. إلخ: لما وقع العذاب بهم وعاينوه؛ قالوا: يا أيها الساحر ادع لنا ربك؛ ليكشف عنّا هذا البلاء، والعذاب. {بِما عَهِدَ عِنْدَكَ} أي: بالعهد الذي أعطاك إياه من استجابة دعائك، أو بعهده عندك من النبوة. {إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ} أي: لنؤمنن بك، إن كشفت عنّا العذاب بدعائك. قال المفسّرون: ليس قولهم: {يا أَيُّهَا السّاحِرُ} على سبيل الانتقاص، وإنّما هو تعظيم في زعمهم؛ لأنّ السحر كان علم زمانهم، ولم يكن مذموما، فنادوه بذلك على سبيل التعظيم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: معناه يا أيها العالم، وكان الساحر فيهم عظيما يوقرونه.
تنبيه: قرأ الجمهور: (أيّه) بفتح الهاء، وبدون ألف، وقرأ ابن عامر بضمها، ووجهه: أن تجعل الهاء من نفس الكلمة، فيكون إعراب المنادى فيها، وضعف أبو علي الفارسي ذلك جدا، وقال: آخر الاسم هو الياء الثانية من أي، فالمضموم ينبغي أن يكون آخر الاسم، ولو جاز ضمّ الهاء ها هنا لاقترانها بالكلمة؛ لجاز ضم الميم في (اللهم) لاقترانها بالكلمة في كلام طويل.
والصحيح: أنّه إذا ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قراءة، فليس إلاّ اعتقاد الصحة في اللغة، فإن القرآن هو الحجة، وأنشد الفراء:[الرجز]
يا أيّه القلب اللجوج النفس... أفق عن البيض الحسان اللّعس
وبعضهم يقف (أيه) وبعضهم يقف (أيها) بالألف؛ لأنّ علة حذفها في الوصل، إنما هو سكونها، وسكون اللام، فإذا كان الوقف ذهبت العلة، فرجعت الألف، وهذا الاختلاف الذي ذكرناه كذلك هو في الآية رقم [٣١] من سورة (النور)، وأيضا في الآية رقم [٣١] من سورة (الرحمن) في قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} وقد رسمت الهاء في هذه المواضع الثلاثة بدون ألف، وثبتت في غير هذه المواضع حملا لها على الأصل، كما تراه في جميع آيات القرآن، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَقالُوا:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (قالوا): ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. (يا): أداة نداء تنوب مناب أدعو، أو أنادي. (أيه):
نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء. والهاء: حرف تنبيه، لا محلّ له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه. {السّاحِرُ:} نعت ل: (أيّ). {اُدْعُ:} فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الواو، والضمة دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره:
«أنت». {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رَبَّكَ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {بِما:} جار ومجرور متعلقان