الشرح: فقد ثبت: أنّ هذه الآية نزلت في معقل بن يسار المزني، وأخته. وخذ ما يلي:
عن معقل-رضي الله عنه-، قال: كانت لي أخت تخطب، وأمنعها من النّاس، فأتاني ابن عمّ لي، فأنكحتها إيّاه، فاصطحبا ما شاء الله، ثم طلّقها طلاقا له رجعة، ثمّ تركها؛ حتى انقضت عدّتها، فلمّا خطبت إليّ؛ أتاني يخطبها مع الخطّاب، فقلت له: خطبت إليّ، فمنعتها النّاس، وآثرتك بها، فزوّجتك، ثمّ طلقتها طلاقا لك فيه رجعة ثم تركتها؛ حتى انقضت عدّتها، فلمّا خطبت إليّ؛ أتيني تخطبها مع الخطّاب؟! والله لا أنكحتها لك أبدا! ففيّ نزلت هذه الآية، فكفّرت عن يميني، وأنكحتها إيّاه. أخرجه البخاريّ.
وفي رواية الترمذي: ثم طلّقها تطليقة لم يراجعها؛ حتّى انقضت عدّتها، فهويها، وهويته، ثمّ خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع ابن لكع! أكرمتك بها، وزوجتكها، فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك! فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله الآية، فلمّا سمع معقل-رضي الله عنه-قال: سمع لربّي، وطاعة. ثمّ دعاه، فزوّجه إيّاها، وكفّر عن يمينه رضي الله عنه.
{وَإِذا طَلَّقْتُمُ:} الخطاب للأزواج، والأولياء، والنّساء. {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي: انقضت عدّتها يقينا بخلاف الآية السابقة. {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ:} فلا تمنعوهن أن يرجعن إلى أزواجهنّ بعقد جديد. هذا؛ والعضل: التضييق، والمنع، وهو راجع إلى معنى الحبس. ومن قول معاوية: معضلة ولا أبا حسن لها، يريد عليّا-رضي الله عنه-؛ الّذي كان يحلّ المعضلات من الأمور، وانظر حلّه المعضلة في الآية التالية. والمعضلة: مسألة صعبة ضيقة المخارج، وقال طاوس: لقد وردت عضل أقضية ما قام بها إلا ابن عبّاس رضي الله عنهما. وكلّ مشكل عند العرب معضل، ومنه قول الشّافعي-رضي الله عنه-: [المتقارب]
إذا المعضلات تصدّينني... كشفت حقائقها بالنّظر
هذا؛ والعضل: الحبس، قال الشّاعر:[الوافر]
وإنّ قصائدي لك فاصطنعني... عقائل قد عضلن عن النّكاح
وقال آخر:[الكامل]
فلأعضلنّ قصائدي من بعده... حتّى أزوّجها من الأكفاء