للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر: {كانَ} التقدير: وما كان الله مريدا ظلمهم. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا ب‍: (من) فلست مفندا. {وَلكِنْ:} الواو: حرف عطف. (لكن): حرف استدراك مهمل، لا عمل له.

{كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {أَنْفُسَهُمْ:}

مفعول به مقدم، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {يَظْلِمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر: {كانَ}. والجملة الفعلية: {وَلكِنْ كانُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها.

{مَثَلُ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اِتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)}

الشرح: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ} يعني: الأصنام التي اتخذوها معتمدا، ومتكلا، يرجون نصرها، ونفعها. فالغرض تشبيه ما اتخذوه متكلا، ومعتمدا في دينهم، وتولّوه من دون الله بما هو مثل عند الناس في الوهن والضعف، وهو نسج العنكبوت. {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً:} لنفسها تأوي إليه، وإن بيتها في غاية الضعف، والوهن، لا يدفع عنها حرا، ولا بردا، فكذلك الأوثان، لا تملك لعابدها نفعا، ولا ضرا.

وقيل: معنى هذا المثل: أن المشرك الذي يعبد الأصنام بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله، مثل العنكبوت تتخذ بيتا من نسجها بالإضافة إلى رجل بنى بيتا بآجرّ وجصّ، أو نحته من صخر فكما: أن أوهن البيوت إذا استقريتها بيتا بيتا بيت العنكبوت، فكذلك أضعف الأديان إذا استقريتها دينا دينا عبادة الأوثان؛ لأنها لا تضر ولا تنفع.

{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ:} أي أضعفها. {لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ:} إشارة إلى ضعفه، فإن الريح إذا هبت عليه، أو لمسه لامس، فلا يبقى له عين، ولا أثر، فقد صح، وثبت: أن أوهن البيوت بيت العنكبوت، وقد تبين وثبت أن دين الكفرة أوهن الأديان، وأحقرها.

{لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} أي: لو كانوا يرجعون إلى علم؛ لعلموا: أن هذا مثل دينهم، فعند ذلك يقلعون عن دينهم الوضيع المهين، ويعتنقون الدين القويم، الذي جاء به سيد المرسلين محمد صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ وقد قال النحاة: إن تاء العنكبوت في آخرها مزيدة؛ لأنها تسقط في التصغير، والجمع، وهي مؤنثة. وحكى الفراء تذكيرها، وأنشد قول الشاعر: [الوافر] على هطّالهم منهم بيوت... كأنّ العنكبوت قد ابتناها

ويروى: على أهطالهم منهم بيوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>