قال الجوهري: والهطال: اسم جبل، والعنكبوت: الدويبة المعروفة التي تنسج نسجا رقيقا مهلهلا بين الهواء، ويجمع على: عناكيب، وعناكب، وعكاب، وعكب، وأعكب. وقد حكى:
أنه يقال: عنكب، وعكنباة. قال الشاعر:[الرجز] كأنّما يسقط من لغامها... بيت عكنباة على زمامها
ويقال أيضا:«عنكباة» بتقديم النون على الكاف، وتصغّر، فيقال: عنيكب. وقد حكي عن يزيد بن ميسرة: أن العنكبوت شيطان مسخها الله تعالى (ولا أصل له). وقال عطاء الخراساني:
نسجت العنكبوت مرتين: مرة على داود عليه السّلام، حين كان جالوت يطلبه-الأصح:
(طالوت) -، ومرة على النبي صلّى الله عليه وسلّم (ليلة الهجرة، ويومها حين كان في غار ثور)؛ ولذلك نهى النبي عن قتلها. ويروى عن علي-رضي الله عنه، وكرم الله وجهه-: أنه قال: طهّروا بيوتكم من نسج العنكبوت، فإنّ تركه في البيوت يورث الفقر. انتهى. قرطبي. ما عدا ما بين القوسين، فإنه تصرف مني. وأضيف: أن العنكبوت يقع على الواحد، والجمع، والمذكر، والمؤنث، والغالب في استعماله التأنيث.
تنبيه: روي عن الحسن البصري، وقتادة-رضي الله عنهما-: أنهما قالا: لما ذكر الله الذباب، والعنكبوت في كتابه؛ أي: في هذه الآية وقوله تعالى في سورة (الحج): {يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}. وضرب للمشركين بذلك المثل ضحكت اليهود، وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فأنزل الله! تعالى قوله في سورة (البقرة): {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها..}. إلخ الآية رقم [٢٦]. وانظر الآية رقم [١٣] من سورة (فاطر)، وانظر (الحج) رقم [٧٣] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
الإعراب:{مَثَلُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. {اِتَّخَذُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق.
{مِنْ دُونِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {أَوْلِياءَ،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة:«نعت النكرة؛ إذا تقدم عليها صار حالا». و {دُونِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {أَوْلِياءَ:} مفعول به، وجملة:
{اِتَّخَذُوا..}. إلخ: صلة الموصول، لا محل لها. {كَمَثَلِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. و (مثل) مضاف، و {الْعَنْكَبُوتِ} مضاف إليه. {اِتَّخَذَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى {الْعَنْكَبُوتِ،} تقديره: «هي». {بَيْتاً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من:{الْعَنْكَبُوتِ} على اعتبار (ال) للتعريف، وقد حازت شرط مجيء الحال من المضاف إليه، أو الجملة الفعلية في محل جر صفة:{الْعَنْكَبُوتِ} على اعتبار (ال) فيه