الشرح: قيل: إن هذه السورة متصلة بالتي قبلها في المعنى، يقول الله: أهلكت أصحاب الفيل لإيلاف قريش؛ أي: لتأتلف، أو لتتفق قريش، أو لكي تأمن قريش، فتؤلف رحلتيها، وممن عدّ السورتين واحدة أبيّ بن كعب، ولا فصل بينهما في مصحفه. وقال عمرو بن ميمون الأودي: صلينا المغرب خلف عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-، فقرأ في الأولى:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} وفي الثانية {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} و {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} وقال الفراء: هذه السورة متصلة بالسورة التي قبلها؛ لأنه ذكّر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة، ثم قال:{لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} أي: فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش.
وذلك: أن قريشا كانت تخرج في تجارتها، فلا يغار عليها، ولا تقرب في الجاهلية، يقولون:
هم أهل بيت الله عز وجل، حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة، ويأخذ حجارتها، فيبني فيها بيتا في اليمن، يحج الناس إليه، فأهلكهم الله عز وجل، فذكرهم نعمته. وقيل: ليست بمتصلة؛ لأن بين السورتين {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}. هذا؛ وقال الجوهري: وفلان قد ألف هذا الموضع، يألفه إلفا، وآلفه إيّاه غيره. ويقال أيضا: آلفت الموضع أولفه إيلافا، وكذلك: آلفت الموضع، أؤالفه مؤالفة، وإلافا. قال أبو طالب يوصي أخاه أبا لهب برسول الله:[الطويل]
فلا تتركنه ما حييت لمعظم... وكن رجلا ذا نجدة وعفاف
تذود العدا عن عصبة هاشمية... إلا فهم في النّاس خير إلاف
وأما قريش فهم بنو النضر بن كنانة، فكل من كان من ولد النضر، فهو قرشي دون بني كنانة ومن فوقه، فإذا أردت بقريش الحي، أو الجد الأول صرفته، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه.
هذا شأن جميع أسماء القبائل، مثل: عاد، وثمود. وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«إنا ولد النضر بن كنانة، لا نقفوا أمّنا، ولا ننتفي من أبينا». أي: لا نتهم أمنا، ولا نقذفها. وقيل: