للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قتادة-رحمه الله تعالى-: تلقى ضعيف القوة، قليل الحيلة، عيي اللسان؛ وهو موسع عليه في الرزق، وتلقى شديد الحيلة، بسيط اللسان، وهو مقتر عليه في الرزق، ورحم الله الشافعي إذ يقول: [الكامل]

ومن الدليل على القضاء وكونه... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق

{إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي: علمه تعالى محيط بكل شيء، فهو واسع العلم، يعلم إذا كان الغنى خيرا للعبد، أو الفقر خيرا له، سبحانه لا يعزب عن علمه شيء في السموات والأرض.

الإعراب: {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. {مَقالِيدُ:} مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {السَّماواتِ:} مضاف إليه. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية يجوز فيها ما جاز بجملة: {جَعَلَ لَكُمْ..}. إلخ. {يَبْسُطُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهِ}. {الرِّزْقَ:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا باللام، والرابط: الضمير فقط، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠] من اعتبارها خبرا ل‍: {ذلِكُمُ}. {لِمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير:

للذي، أو: لشخص يشاء التوسيع عليه. {وَيَقْدِرُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهِ،} والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {يَبْسُطُ..}. إلخ. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {بِكُلِّ:} متعلقان ب‍: {عَلِيمٌ،} و (كل): مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {عَلِيمٌ:} خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للبسط، والتقتير.

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣)}

الشرح: {شَرَعَ لَكُمْ:} بيّن، وأظهر لكم الذي له مقاليد السموات والأرض. {مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى:} إنّما خصّ هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر؛ لأنّهم أكابر الأنبياء، وأصحاب الشرائع المعظمة، والأتباع الكثيرة، وأولو العزم. ثم فسر المشروع الذي اشترك فيه هؤلاء الأعلام، من رسله بقوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}. والمراد: بإقامة الدين: هو توحيد الله، والإيمان به، وبكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وطاعة الله في أوامره، ونواهيه، وسائر ما يكون به الرجل مسلما، ولم يرد الشرائع التي هي مصالح الأمم على حسب أحوالها، فإنّها مختلفة متفاوتة. قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً} رقم [٤٨] من سورة (المائدة). وقيل: أراد تحليل الحلال، وتحريم الحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>