للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (نسقيه): يقرأ بضم النون من الرباعي، وبفتح النون من الثلاثي، ومن الأول قوله تعالى:

{وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً} ومن الثاني قوله تعالى: {وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً} وانظر الآية رقم [٢١] من سورة (المؤمنون)، وكذلك شرح (ميت) في الآية رقم [١٥] منها. {أَنْعاماً:} الأنعام تطلق على المأكول من الحيوانات: البقر، والغنم، والإبل، والماعز، والمراد هنا المأكول وغيره. {وَأَناسِيَّ كَثِيراً} أي: بشرا كثيرا، واحده: إنسيّ، وهو قول الأخفش، والمبرد، وأحد قولي الفراء، وله قول آخر، وهو أن يكون واحده إنسانا، ثم تبدل من النون ياء، فتقول: أناسي، والأصل أناسين، مثل: سرحان، وسراحين، وبستان، وبساتين، فجعلوا الياء عوضا من النون، وعلى هذا يجوز سراحيّ وبساتيّ لا فرق بينهما، وقال: لا فرق بينهما. انتهى. قرطبي. وقال الجمل:

أناسين، كسرحان، وسراحين وهذا مذهب سيبويه، وهو الراجح. وجزم ابن هشام، وابن مالك بأنه جمع: إنسان لا جمع إنسي، وقد قال: {كَثِيراً} ولم يقل: كثيرين؛ لأن فعيلا قد يراد به الكثرة، وهو يطلق على المفرد والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث، نحو قوله تعالى:

{وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} قال الجمل نقلا عن شيخه: خص الأنعام بالذكر؛ لأنها ذخيرتنا، ومدار معاش أكثر المدر، ولذلك قدم سقيها على سقيهم، كما قدم عليها إحياء الأرض، فإنها سبب لحياتها وتعيشها، فقدم ما هو سبب حياتهم، ومعاشهم. انتهى.

الإعراب: {لِنُحْيِيَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره: «نحن»، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (أنزلنا) في الآية السابقة. {بِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {بَلْدَةً:} مفعول به. {مَيْتاً:} صفة: {بَلْدَةً}. {وَنُسْقِيَهُ:} فعل مضارع معطوف على الفعل قبله منصوب مثله، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: «نحن»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من: {أَنْعاماً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة... إلخ، {خَلَقْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: من الذي خلقناه.

{أَنْعاماً:} مفعول به ثان للفعل (نسقي). (أناسي): معطوف على {أَنْعاماً} منصوب مثله، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، إن كان جمع: إنسي، والياء نيابة عن الفتحة إن كان جمع إنسان؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وأصله أناسين، وتكون النون قد قلبت ياء، وأدغمت الياء في الياء. {كَثِيراً:} صفة أناسي على الوجهين المعتبرين فيه.

{وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً (٥٠)}

الشرح: {وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ} أي: صرفنا المطر بين الناس، مرة ببلدة، ومرة ببلدة أخرى في البلدان المختلفة، والأوقات المتغايرة، والصفات المتفاوتة، من وابل، وطل، وغيرهما، وعن

<<  <  ج: ص:  >  >>