للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢)}

الشرح: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ:} انظر الآية رقم [٩٩] من سورة (الكهف) ففيها الكفاية. هذا؛ ويقرأ: «(ننفخ)» و {يُنْفَخُ} بالبناء للمجهول، وبالبناء للمعلوم. {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ:} الكافرين، وقد ذكرت لك مرارا: أن في المسلمين مجرمين، وفاسقين، وضالين مضلين، فكل وعيد وتهديد يتوجه إليهم، وهم أولى به. {يَوْمَئِذٍ:} يوم القيامة. {زُرْقاً:} الزرق خلاف الكحل، والعرب تتشاءم بزرق العيون، وتذمه وهو من ألوان العيوب عندهم؛ لأن الروم كانوا أعداءهم، وهم زرق العيون. وقال بشار بن برد الأعمى في وصف البخيل: [البسيط]

وللبخيل على أمواله علل... زرق العيون عليها أوجه سود

وقيل: معناه: عميا. وقيل: عطاشا قد ازرقت عيونهم من شدة العطش، ويقال: رجل أزرق العين، والمرأة زرقاء: بينة الزرق، والاسم: الزرقة.

وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: قيل لابن عباس-رضي الله عنهما-في قوله تعالى:

{وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} وقال في موضع آخر: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا} فقال: إن ليوم القيامة حالات، فحالة يكونون فيها زرقا، وحالة عميا. وانظر الآية رقم [٩٧] من سورة (الإسراء) تجد ما يسرك.

الإعراب: {يَوْمَ} بدل من {يَوْمَ الْقِيامَةِ}. {يُنْفَخُ:} مضارع مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:}

جار ومجرور في محل رفع نائب فاعله وعلى القراءتين الأخريين فالفاعل: نحن، أو هو، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها. {وَنَحْشُرُ:} مضارع، والفاعل تقديره: «نحن».

{الْمُجْرِمِينَ:} مفعول به منصوب... إلخ، {يَوْمَئِذٍ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، و (إذ) ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وحرك بالكسرة لالتقاء الساكنين.

وانظر ما ذكرته في شرحه. {زُرْقاً:} حال من {الْمُجْرِمِينَ} وهو صفة مشبهة فاعله محذوف، التقدير: زرقا عيونهم وجملة: {وَنَحْشُرُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها.

{يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ عَشْراً (١٠٣)}

الشرح: {يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ:} يتحادثون في موقف القيامة حديث السر، والخفاء. وانظر الآية رقم [١١٠] من سورة (الإسراء). وذلك لما يملأ صدورهم من الرعب، والهول. {إِنْ لَبِثْتُمْ:} ما أقمتم في الدنيا. {إِلاّ عَشْراً:} إلا عشر ليال، فهم يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا؛ لزوالها عنهم، أو لاستطالتهم أهوال يوم القيامة، أو لتأسفهم على الدنيا لما عاينوا الشدائد، وأيقنوا: أنهم استحقوها على إضاعة أعمارهم في قضاء الشهوات الدنيئة. أو المراد بقصر المدة

<<  <  ج: ص:  >  >>