للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا وجه له. هذا؛ وأورد أبو البقاء وجها رابعا، وهو أن تكون زائدة، وتكون جملة: {أُنْذِرَ آباؤُهُمْ} صفة: {قَوْماً،} والرابط: الضمير.

{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧)}

الشرح: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ:} لقد وجب العذاب على أكثرهم، واستحقوه، وهو فحوى قوله تعالى في الآية رقم [١٣] من سورة (السجدة): {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ}. {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ:} وهذا فيمن سبق في علم الله: أنه يموت على كفره، وذكر الله سبحانه الأكثر؛ لأن بعضهم أدركته العناية الإلهية، وسبق في علم الله الأزلي:

أنه يموت على الإسلام فأسلم، وهؤلاء الذين سبق في علم الله: أنهم يموتون على الكفر قد أخرج الله من أصلابهم من حمل لواء الإسلام في ربوع الدنيا. والتاريخ الإسلامي وسيرة السلف الصالح شاهد عدل على ما أقول.

الإعراب: {لَقَدْ:} اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم مقدر. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {حَقَّ:} فعل ماض. {الْقَوْلُ:} فاعله. {عَلى أَكْثَرِهِمْ:}

متعلقان بالفعل {حَقَّ،} والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {لَقَدْ حَقَّ..}. إلخ لا محل لها على الوجهين المعتبرين في اللام. {فَهُمْ:} الفاء: حرف عطف. (هم): مبتدأ. {لا:} نافية.

{يُؤْمِنُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية معطوفة على الجملة قبلها، لا محل لها مثلها. وإن اعتبرتها تعليلية؛ فلست مفندا.

{إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨)}

الشرح: {إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً:} جمع: غل، يقال: في رقبته غل من حديد. ومنه قيل للمرأة السيئة الخلق: غل قمل، وأصله: أن الغل كان يتخذ من جلد، وعليه شعر فيقمل، والغل، والغلة: حرارة العطش، وكل ذلك بضم الغين، وهو بكسرها بمعنى: الحقد، والبغض.

ورحم الله من يقول: [البسيط] يا طالب العيش في أمن وفي دعة... رغدا بلا قتر صفوا بلا رنق

خلّص فؤادك من غلّ ومن حسد... الغلّ في القلب مثل الغلّ في العنق

هذا؛ وفي الكلام استعارة تمثيلية، فقد شبه الله تعالى حال الكفار في امتناعهم من الهدى، والإيمان بمن غلت يده إلى عنقه بالسلاسل، والأغلال، فأصبح مرفوعا رأسه، لا يستطيع خفضا له، ولا التفاتا، وبمن سدت الطرق في وجهه، فلم يهتد لمقصوده. وذلك بطريق الاستعارة

<<  <  ج: ص:  >  >>