للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (١٤٩)}

الشرح: {وَلَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ:} كناية عن اشتداد ندمهم، فإن النادم المتحسر يعض يده غمّا فتصير يده مسقوطا فيها، وقرئ: «(سقط)» بالبناء للفاعل، بمعنى وقع العض فيها. وقيل:

معناه: سقط الندم في أنفسهم. وهذا التركيب لم تعرفه العرب، إلا بعد نزول القرآن، وخصت اليد بالذكر؛ لأن مباشرة معظم الذنوب بها، فالملامة ترجع عليها؛ لأنها الجارحة العظمى، فيسند إليها ما لم تباشره، كقوله تعالى {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ} وانظر: {يَدَهُ} في الآية رقم [١٠٨]. {وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا} أي: وأيقنوا: أنهم على الضلالة في عبادتهم العجل. {قالُوا:} انظر الآية رقم [٥] لشرحه، وإعرابه. {لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا} أي: بالتوبة علينا، والعفو عنا. {الْخاسِرِينَ} أي: غير الرابحين، وأي خسران أعظم من خسارة الجنة، والحرمان من نعيمها الذي لا ينقطع؟!

هذا؛ وقد قيل في تفسير (الخسران): أنه جعل لكل واحد من بني آدم منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا كان يوم القيامة جعل الله منازل الكفار التي في الجنة للمؤمنين، وجعل منازل المؤمنين التي في النار للكفار، فذلك هو الخسران: هذا؛ وقد قرئ الفعلان: «يرحمنا» و «(يغفر)» بتاء المضارعة. وقرئ: «ربنا» على النداء. وانظر الآية رقم [٣]. هذا؛ وإعلال (رأوا) مثل إعلال (أتوا) في الآية [١٣٨].

الإعراب: {وَلَمّا:} (لما): انظر الآية رقم [١٣٤]. {سُقِطَ:} ماض مبني للمجهول. {فِي أَيْدِيهِمْ:} متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعل، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء للثقل، والهاء في محل جر بالإضافة. هذا؛ وعلى قراءة الفعل بالبناء للفاعل، يكون الفاعل مستترا تقديره: سقط الندم. قاله الزجاج، وقال الزمخشري: سقط العض، وقال ابن عطية:

سقط الخسران، والخيبة، وقرأ ابن أبي عبلة: «(أسقط)» رباعيّا مبنيّا للمفعول، والجملة الفعلية:

{سُقِطَ..}. إلخ انظر محل مثلها في الآية رقم [١٣٣]. (رأوا): ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها، وجملة: {قَدْ ضَلُّوا} في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعول، أو مفعولي الفعل (رأوا)، والجملة الفعلية هذه معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. {قالُوا:} فعل، وفاعل. {لَئِنْ:}

حرف شرط جازم: واللام موطئة لقسم محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. {لَمْ:} حرف جازم. {يَرْحَمْنا:} مضارع مجزوم ب‍ {لَمْ،} و (نا): مفعول به. {رَبُّنا:} فاعل، و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل

<<  <  ج: ص:  >  >>